المخطط المغرب الأخضر جاء بعد طلب من وزير الفلاحة في خريف 2007 لمكتب الدراسات الأمريكي ماكنزي لإستراتيجية فلاحية تنموية. ربيع 2008 من شهر أبريل كانت سنة الحدث حيث تم الإعلان الرسمي بمناسبة افتتاح المعرض الدولي للفلاحة بمكناس على بداية مخطط المغرب الأخضر. فمن يكون هذا المخطط الذي أسال الكثير من الحبر بين مؤيد ,محايد ومعارض , بين كذلك من وصفه بمخطط حقق نجاحا باهرا وآخر بالفشل الذر يع بينما يرى آخرون أنه مشروع يحمل إيجابيات كما يحمل سلبيات لكن بعد مرور ثماني سنوات على الانطلاقة يحق لنا بما أنه أمر يهم الجميع أن نتساءل هل مشروع مخطط المغرب الأخضر يمكن تصنيفه ضمن المخططات الفلاحية الناجحة خصوصا بعد فشل مخططات فلاحية سابقة كمخطط زراعة الحوامض أو مخطط زراعة الزيتون. كثيرة هي الأسئلة التي نسجت لكن السؤال العريض الذي يعنينا جميعا هل مخطط المغرب الأخضر سوف يحقق لنا الأمن الغذائي , هل البرامج الزراعية الحالية لن تمس باستنزاف الفرشة المائية الباطنية أم أننا بعد سنوات لن تجد الأجيال القادمة حاجياتها من الماء؟ أمام تناسل هذه الأسئلة التي في غالبها تجعلنا في حيرة من أمرنا لأن هذا الموضوع لا يرتبط بهيئة سياسية, جمعوية أو اقتصادية ولكن الأمر يهم الجميع الصغير قبل الكبير كل أطياف المجتمع المغربي معنية بمخطط المغرب الأخضر. في البداية سوف نعطي لمحة عن هذا المخطط ولكن قبل هذا أو ذاك يجب أن نشير لمعطى مهم جدا , الأرقام التي سوف نتناولها هي في مجملها تقريبية وهذا راجع لغياب أرقام رسمية لوزارة الفلاحة أو مديرية الدراسات والتوقعات المالية حتى المندوبية السامية للتخطيط ليست لها أرقام دقيقة حول حصيلة ثماني سنوات من مخطط المغرب الأخضر. هذا المخطط رصدت له ميزانية ضخمة حددت في 150 مليار درهم ويرتكز على مفهوم الدعامة ويتكون من دعامتين الدعامة الأولى والدعامة الثانية. الهدف من هذا المخطط هو ضمان الأمن الغذائي , رفع الدخل من الأجور , خلق فرص الشغل , تنميةلصادرات , محاربة الفقر تم في الأخير الرفع من الناتج الداخلي الخام وكما أشرت عبر دعامتين : -الدعامة الأولى : تهم كبار الفلاحين عبر تمويل استثماراتهم بنسب تصل إلى 80% أو عبر كراء الأراضي أو بيعها بأسعار جد تفضيلية ربما يطرح السؤال عمن استفاد من كرم الحاتمي للدولة هل فعلا كبار الفلاحين في حاجة لدعم الدولة خصوصا إذا علمنا أن الميزانية المخصصة للدعامة الأولى تصل إلى 80 مليار درهم لا عتبار أن 70 مليار درهم تخص فلاحي الدعامة الثانية. -الدعامة الثانية : تهم صغار الفلاحين ويمكن اعتبار هذه الدعامة بالركيزة التي فلسفتها الفلاحة التضامنية والتي تعتمد على برنامج الإعانات المادية بحيث تتكفل الدولة بتمويل: 1- مشاريع السقي بالتنقيط بنسبة تتراوح بين 80% إلى 100%. 2- مشاريع دراسة الأراضي بين 80% إلى 100%, 3- اقتناء الآلات الفلاحية بنسبة تتراوح بين 20% إلى 60 %, 4- تمويل حدد في 4000 إلى 6000 درهم عن اقتناء كل بقرة نسل مختارة, الدعامة الثانية حددت لها ميزانية تقدر ب 20 مليار درهم بالنسبة للمشاريع المباشرة فيما خصص مبلغ 50 مليار للأنشطة الأفقية كبرامج التأهيل ومواكبة الفلاحين في دراسة الزراعة الملائمة لأراضيهم ,وعملية التشجير..... من أجل هذا المخطط عملت وزارة الفلاحة على خلق 17 مركزية بيو مهنية و 16 غرفة فلاحية وهي خطوة إستباقية لتفعيل الجهوية المحلية. هذه نضرة جد مقتضبة عن هذا المخطط الكبير والذي للتذكير مرة أخرى رصدت له ميزانية جد ضخمة لكن للأسف هناك إكراهات تعترض الفلاحين سواء فلاحو الدعامة الأولى أو الثانية , سوف نحاول أن نتطرق في البداية لفلاحي الدعامة الثانية لأنها جد متشعبة وتحتاج إلى تفكير عميق. أول إشكال يمكن التطرق إليه هو جهل أكثر من 60% من الفلاحين لمخطط المغرب الأخضر وهذا في حد ذاته مؤشر صادم جدا , الإشكال الثاني يتمثل في كون 9 مليون هكتارمن الأراضي الفلاحية غير موزعة بشكل جيد وهذا راجع لنوعية الأملاك العقارية حيث تتنوع بين أراضي جماعة ,الأحباس,الأراضي السلالية , أضف إلى ذلك التقسيم الغير جيد للأراضي فمثلا نجد نفس الفلاح يمتلك هكتارين مجتمعين في منطقة واحدة بينما ثلاث أو أربع هكتارات متفرقة ومتباعدة. الإشكال الثالث ويرتبط أساسا بعقلية الفلاح من جهة والمقاولات الاستثمارية من جهة أخرى , مخطط المغرب الأخضر وكما أشرنا سابقا خصص ميزانية 50 مليار درهم للأنشطة الأفقية حيث تسهر الدولة على دراسة نوعية التربة لكل المناطق الفلاحية ونوعية الزراعة الملائمة لها من أجل تشجيرها وذلك عبر إعلان عروض مناقصات للمقاولات حيث تتكلف هذه الأخيرة بعملية التشجير والمواكبة الفعلية للفلاح لمدة تتراوح بين سنتين أو أربع سنوات تنفيدا للبنود المسطرة سلفا في دفتر التحملات للأسف الشديد هذه العملية يعترضها مجموعة من العوائق , الفلاح الصغير يعتقد خطئا أن الدولة عبر هذه المبادرة الإيجابية تحاول الاستيلاء على أرضه , الأخطر من هذا ومن أجل الربح السريع هناك بعض وليس الكل مقاولات استثمارية غير مواطنة لا تقوم بالعمل المنوط بها ولا تحترم دفتر التحملات وربما بعضها يستغل الاعتقاد الخاطئ لدى بعض الفلاحين البسطاء ويكتفي فقط بعملية التشجير دون المواكبة. يجب الإشارة لملاحظة مهمة تتمثل في نوعية الأشجار المثمرة للحوامض أو أشجار الزيتون التي أصبحنا نقتنيها من أشد منافسينا على المستوى الفلاحي النتيجة الآن أننا أصبحنا نجني منتجات بعيدة عن المواصفات العالمية . من بين العوائق أيضا هو التضارب الحاصل في مهام المديريات والمصالح داخل وزارة الفلاحة بين المحدثة مؤخرا والقديمة بحيث تتداخل مهمات الجميع فيما بينها ولسنا ندري من يقوم بعمل من المديريات الجهوية للفلاحة أم الوكالة الفلاحية للتنميةّ؟ لا يمكن إغفال كذلك الإكراهات التي تعيشها الفئة التي تشكل الدعامة الأولى والتي تستحق كذلك أكثر من وقفة بحيث أن العديد يتساءل عن حجم الأراضي التي فوتت لكبار الفلاحين وحجم المساعدات المادية للمشاريع التي قام بها أصحاب الضيعات الكبرى وصلت إلى 80% من مجموع الفواتير المصرح بها وإذا تجاوزنا هذه الإشكالية فإن الفلاحين الكبار يعانون من صعوبات انعدام الجودة من جهة وعدم ابتكار طرق جديدة للتسويق أدي لتغيير زبناءنا لوجهات تسوقهم حيث أصبحت حاليا الوجهة المفضلة لديهم مصر أو تركيا أضف إلى ذلك أن شريكنا الفلاحي الأول لمنتجات الحوامض روسيا أصبحت تتجه بشكل تدريجي لأسواق أخرى , لا يمكن إغفال أن هذه ألأخيرة تعترضنا معها بعض العوائق كعدم احترام الجدولة الزمنية لأداء المستحقات حيث بلغت نسبة عدم الأداء 20%. لايخفى على أحد أن الفلاحة في مفهومها العام تعتمد على عنصرين مهمين الأرض الصالحة للزراعة والثروة المائية , مخطط المغرب الأخضر يحتاج إلى كمية من المياه تتراوح بين 7 و 8 مليار متر مكعب , حقينة السدود الحالية لا تتعدى 17 مليار متر مكعب هذا إذا استثنينا النسبة الكبيرة من الأوحال والأتربة المتواجدة بالسدود نضرا لغياب الصيانة الدورية. لا يمكن إغفال معطى آخر يتمثل في كون الأحواض المائية لأم الربيع , ماسة و الحوز لم تعد قادرة على تلبية حاجيات وزارة الفلاحة التي أصبحت تفوق المسموح به القطاع الفلاحي أصبح و داخل إطار مخطط المغرب الأخضر يستنزف 85% من مجموع ما تستهلكه القطاعات الأخرى , وحتى نكون موضوعيين فيجب الاعتراف بأن الوضعية الحالية للسدود بالمغرب لن تكون ذات فعالية ومجدية في أفق سنة 2050 فماذا أعددنا للأجيال القادمة!ّ؟ التقارير الدولية الأخيرة تصنف المغرب ضمن الدول المهددة بالجفاف و بالتالي من ندرة المياه الوزيرة المكلفة بالمياه في آخ خروج إعلامي لها لأحد المنابر الإعلامية لم تنف هذه الحقيقة المرة وكانت إجابتها محتشمة إذ لم تؤكد أو تنفي خصوصا أن هذه السنة عرفت تقلصا كبيرا في حقينة السدود نضرا لقلة الأمطار. الاستنزاف الذي تتعرض الفرشة المائية الباطنية لن يكون إلا عاملا خطيرا في عدم ضمان الأمن الغذائي للمغرب مستقبلا معدل الاستهلاك السنوي للفرد من الماء بالمغرب يصل إلى 700 متر مكعب الدراسات و التوقعات المستقبلية جد مخيفة إذ يتوقع استهلاك الفرد في أفق 2025 إلى ناقص 500 متر مكعب. عوض أن نلوح يمينا و شمالا بالإشارات الإنذارية التي تتوقع ندرة المياه سيكون من الأفضل وفي إطارمخطط المغرب الأخضر البحث عن زراعات بديلة كفانا من البحث وبلهفة كبيرة على إنتاج الطماطم والبرتقال اللذين يحتاجان لكمية كبيرة من الماء فمثلا لا الحصر لماذا لا يتم تشجيع فلاحة النباتات العطرية و الطبية لا تحتاج إلى كمية كبيرة من المياه وفي نفس الوقت يمكن أن تجنى منها أرباح كبيرة , للأسف حاليا المقاولات العالمية خاصة الفرنسية منها من تستغل فقط هذه النباتات في مرحلتها الخامة هذه الأخيرة تجني أرباحا طائلة بعد عملية التصنيع , الفلاح المغربي صاحب المجهود الكبير تكون أرباحه جد بسيطة . للإشارة فقط ونضرا لأهمية هذا النوع من الزراعة فقد تم خلق معهد وطني للزراعات العطرية و النباتية بمدينة تاونات. المشروع الكبير بل الهاجس الأول هو خلق زراعات بديلة تعتمد على مرتكزين اثنين البحث على الأمن الغذائى, والربح بأقل تكلفة مائية لأن الماء سيكون العملة النادرة مستقبلا . في خضم هذه المعطيات وبالرجوع إلى الهدف الذي يسعى إليه مخطط المغرب الأخضر في جعل الفلاحة المورد الاقتصادي الأول للمغرب لا يسعنا إلا التساؤل هل المغرب بلد فلاحي أم بلد مزارعين صغار؟ إذا اعتمدنا على المقاربة الاقتصادية وهنا نقصد نسبة القطاع الفلاحي في الناتج الداخلي الخام فهي تتراوح بين 20% و 15% أي أن القطاعات الأخرى تساهم بنسبة 85% , القطاع الفلاحي لحد الآن ورغم المجهودات المبذولة من طرف الدولة يلزمه الكثير من أجل ضمان الأمن الغذائي لكل المغاربة. بعد هذه القراءة البسيطة يبقى السؤال العريض يفرض نفسه :هل مخطط المغرب الأخضر ناجح أم يحتاج إلى المزيد من المجهودات لكي يصبح فعالا.