وما توفيقنا أهل البيت إلا بالله، فاستعدوا أيها الناس... بين منبر مجلس الأمن الذي يستغله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتمرير تقريره "المزعج" حول الصحراء، ومنبر المساجد العتيقة في الصحراء التي ظلت تخطب لسلطان المغرب على مر العصور، يستطرد الباحث في الشؤون الصحراوية الانزلاق اللفظي الوارد من "كي مون" ومخالفته لمعطيات تاريخية. إن فصل الخطاب هنا ليس لأن الصحراء الغربية المغربية خضعت في وقت من الأوقات لحكم سلاطين المغرب، وإلا لطالب المغرب بكل بلاد المغرب العربي إلى حدود مصر فالجزيرة الإيبرية (إسبانيا والبرتغال) لأن كل هذه البلاد حُكمت مدة قرون من قبل الدولة الموحدية حيث كانت الأوامر الحكومية تصدر لها من مراكش، عاصمة الدولة، ولطالب المغرب كذلك بكثير من بلاد السودان الغربي التي فتحها المنصور الذهبي، أجلُّ ملوك السعديين، ولكنا لا نقول شيئاً من هذا، فالفتوحات التي كانت من آمال الدول الكبرى في كل الأمم لا تعتبر حجة لادعاء تبعيتها لها. وإنما الفصل هنا لتربع خطبة الجمعة على عرش المنبر في نفوس مجتمع البيضان، والتي ظل الدعاء دائماً خلالها يصدح لسلطان دولة المغرب المتاخمة آنذاك للدولة الرستمية الإباضية القائمة بمدينة تاهرت (تيهرت) بالجزائر، ولم يسبق البتة لأرض البيضان أن أجريت عليها خطبة الجمعة لمنظمة البوليساريو الانفصالية ولم يجرِ حتى في الأمس القريب الدعاء لقائدهم الملهم الولي المصطفى السيد، فبالأحرى أن يسري ذلك الفضل لقائدهم الحالي عبد العزيز المراكشي. تلك الخطب الصارخة بمغربية الصحراء رسخت في عقيدة المواطنة المغربية مقولة "المغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها" بعيداً عن طبيعة الصراع المفتعل بين البوليساريو والسلطات.. من يقرأ أو يستمع إلى تلك الفقرة من خطبة الجمعة التي كان يلوح خلالها بالدعاء لسلطان المغرب على مر العصور، ويعزلها عن الظروف التي أتت فيها انزلاقات كي مون اللفظية وتقريره "المزعج" وتلويحه بإشارة النصر في منطقة "بئر لحلو" المتنازع عليها يخال أن مجلس الأمن يدعم التمرّد المسلّح للانفصال وهدم الدولة، لا بل توسيع رقعة اللا استقرار في منطقة الساحل والصحراء. ولكن الوقائع ربما تفسر الكثير فالموقف الأمريكي الداعم للموقف المغربي ومخطط الحكم الذاتي في الصحراء جاء بمثابة خروج مؤقت لملف الصحراء من عنق الزجاجة ولو لبعد حين من الدهر. ولكن بعيداً عن المواقف التاريخية عبر منابر المساجد، فإن الأطروحة الأممية القائمة على الاعتراف بالمبدأ القائل بأن مصالح سكان هذا الإقليم تأتي في المقام الأول، وفقاً للمادة 73 من الفصل الحادي عشر من ميثاق الأممالمتحدة، ولعلّ أكثر ما يعبر عنها انسجام ساكنة الجنوب مع المقاربة الأمنية المغربية لاستتباب الأمن وتحقيق التنمية وجلب المستثمرين الخليجيين، والإصلاح الذي يشهده الإقليم كل عام بعد تصفية الاحتلال الإسباني، حيث يفترض أن الهدف من المادة 73 هنا تعزيز الوحدة الوطنية في الدولة المغربية وليس هدمها، توزعت على أبواب: «الجزائر» و«البوليساريو» و «بان كي مون» و«الإرهاب الدولي».