بينما ترتفعُ أصواتُ المنظمات الحقوقية الداعية إلى الإلغاء التامّ لعقوبة الإعدام، شهدتْ سنة 2015 ارتفاعَ عدد عمليات الإعدام التي نُفّذتْ في مختلف بلدان العالم، بزيادة بنسبة 50 بالمائة مقارنة مع سنة 2014، وبلغ عدد الأشخاص الذين أُعدموا، في 25 بلدا، بحسب التقرير العالمي لمنظمة العفو الدولية "أمنيستي"، الذي قُدّمَ صباح اليوم في عدد من العواصم العالمية، ومنها الرباط، ما لا يقل عن 1643 شخصا. واعتبرت منظمة العفو الدولية، في تقريرها المُعنون ب"أحكام الإعدام وما نُفذ من أحكام في 2015"، أنَّ هذا الارتفاع يمثّل "زيادة حادّة"، في عدد عمليات الإعدام، بحيث سجّلت سنة 2014 إعدام 1061 شخصا في 22 بلدا، بينما عرفت سنة 2015 أعلى عدد إعدامات منذ 1989، جرى تنفيذ معظمها، على التوالي، في الصينوإيرانوباكستان والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدةالأمريكية. ولم يتمّْ احتساب عدد عمليات الإعدام التي نُفّذت في الصين لعدم استطاعة منظمة العفو الدولية الوصولَ إلى أرقام دقيقة حولَ عدد الأشخاص الذين جرى إعدامهم هناك، "لأنّ المعلومات المتعلقة بهذا الشأن تُعتبر من أسرار الدولة في الصين، وتؤدّي بمن يُسرّبها إلى المقصلة"، وفق المدير العام لفرع المنظمة بالمغرب، محمد السكتاوي. والمثير في التقرير هو أنَّ 90 بالمائة من عمليات الإعدام التي نُفذتْ خلال سنة 2015- باستثناء تلك التي نُفذتْ في الصين- كانَ مسرحُها ثلاثَة بلدان إسلامية، هي إيران، وباكستان، والمملكة العربية السعودية؛ وبلغَ عدد الأشخاص الذين أعدموا في إيران أكثر من 977 شخصا، وفي باكستان أُعدمَ 326 شخصا، بينما أعدمت السعودية أكثر من 158 شخصا، وعُموما توجد منطقتا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على رأس المناطق التي عرفت تنفيذ أكبر عدد من عمليات الإعدام في 2015. ووصفتْ منظمة العفو الدولية زيادةَ عدد عمليات الإعدام في العالم بنسبة 50 بالمائة بين سنتين 2014 و2015، ب"الطفرة المرعبة المسجّلة منذ 25 عاما"، وفي مقابل هذا القلق يسودُ نوعٌ من التفاؤل وسطَ مسؤولي المنظمة في ظلّ تقلّص عدد الدول التي ما زالت تُنفّذ عقوبة الإعدام، والتي قالَ الحسن حتيم، منسق عملية عقوبة الإعدام في "أمنستي المغرب" إنّها باتتْ "أقلّية معزولة". لكنّ حتيم عبّر عن أسفه من استمرار وجود المغرب ضمنَ هذه الدول، وإنْ كانَ قدْ أوقف تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، لكنّه لم يُلغها من القانون الجنائي؛ وانضمّتْ أربعُ دولٍ في سنة 2015 إلى الدول التي ألغتْ عقوبة الإعدام بشكل تامّ (أي في القانون وفي التنفيذ)، بالنسبة لجميع الجرائم، وهي سورينام، وفيجي، وجمهورية الكونغو، ومدغشقر. وبلغ عدد الدول التي ألغتْ عقوبة الإعدام إلغاءً تاما، إلى حدّ الآن، 102 دولة، أي أكثر من نصف دول العالم. وانتقدَ حتيم استمرار امتناع المغرب عن المصادقة على القرار الأممي المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، كمَا انتقدَ عدمَ إلغائها من مسوّدة مشروع القانون الجنائي الذي أعدّته وزارة العدل والحريات، والذي قال إنه متعارض مع مقاصد المادة 20 من الدستور التي تنصّ على أنّ "الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان. ويحمي القانون هذا الحق"، وقال حتيم: "هذا يوحي بأن الحكومة الحالية لا تساير المسيرة العالمية لإلغاء عقوبة الإعدام، وتضع الدستور خارج المرجعية الكونية لحقوق الإنسان".