مع صدور أي تقرير جديد للمجلس الأعلى للحسابات إلا وتظهر مؤسسة عمومية جديدة تعيش حالة من الفوضى في التسيير واختلالات بالجملة على مستوى تدبير الموارد المالية والبشرية، وهذه المرة جاء الدور على مكتب التسويق والتصدير، الذي انضم إلى القائمة الطويلة من المؤسسات العمومية التي كشفت تقارير مجلس جطو أنها لا تسير في الطريق الصحيح. ويقوم المكتب المذكور بتصدير المنتجات الفلاحية ومنتجات الصناعات الغذائية، وقام سنة 2009 بوضع إستراتيجية لإعادة تموقعه، بيد أنها لم تمكنه من تجاوز هذه المرحلة بنجاح، حسب مجلس جطو، الذي أكد أن مخطط إعادة الهيكلة نص على تصفية الشركات المتوقفة عن الاشتغال، والحفاظ على الشركات التي تزاول أنشطتها، إلا أنه إلى حدود نهاية سنة 2014 لم يتم استكمال عملية التطهير، لأنه لم تتم تصفية خمس شركات رغم كون بعضها متوقفة عن الاشتغال منذ تسعينيات القرن الماضي. وفي ما يتعلق بعملية المغادرة الطوعية، فرغم كونها مكنت من تقليص كتلة الأجور، إلا أنها أثرت سلبا على الموارد البشرية، التي تقلصت بشكل ملحوظ. كما أن العديد من مناصب المسؤولية بقيت شاغرة إلى حد الآن، حسب مجلس جطو. وانتقد المجلس الذي يشرف عليه إدريس جطو، كون مخطط إعادة الهيكلة نص على انسحاب المكتب من عملية التمويل المسبق للمواسم الفلاحية، بالنظر إلى المشاكل التي تنجم عن هذا النظام، وكذا مشاكل تحصيل المبالغ المسبقة للفلاحين، والتي وصلت في بعض الأحيان إلى 300 مليون درهم؛ وهو ما يعادل 15 مرة المداخيل السنوية للمكتب، الذي استمر مع ذلك في تمويل الفلاحين، "إضافة إلى فشل جميع الأعمال الرامية إلى تحصيل المبالغ المستحقة له، رغم اللجوء إلى شركات مختصة في التحصيل". ومن بين الاختلالات المالية التي رصدها المجلس الأعلى للحسابات أن المكتب "وقع اتفاقية مع المكتب الشريف للفوسفاط، بميزانية تقدر بحوالي 90 مليون درهم، بيد أنه لم يحترم التزاماته؛ وخلافا لما نص عليه الاتفاق، الذي استهدف منتجي جهة دكالة عبدة، فقد تم توجيه 60 في المائة من الميزانية إلى جهة سوس ماسة، وأكثر من هذا أن صغار الفلاحين لم يستفيدوا من الاتفاقية، بل استفاد كبار الفلاحين من معظم الميزانية، واستفاد أربعة فلاحين من 86 في المائة من المدخلات الموزعة من 26 منتجا". ورصد المجلس أن تدبير الملفات الإدارية للمستفيدين من الغلاف المالي المرصود لهذه الاتفاقية "تم بقليل من الصرامة، بالنظر إلى المبالغ المهمة المسبقة لبعض المنتجين"؛ ونجم عن هذا الوضع أن المبالغ غير المحصل عليها لفائدة المكتب الشريف للفوسفاط بلغت 11.23 مليون درهم من إجمالي المبلغ المقدر ب16.48 مليون درهم. ويخلص المجلس إلى أن المكتب "غير قادر على أداء المهام الموكلة إليه، والتي تتمثل في تصدير المنتجات الفلاحية والمنتجات الغذائية". ولتأكيد خلاصته استدل المجلس بالتراجع الكبير الحاصل على مستوى أنشطة التصدير، إذ تقدر صادرات المكتب خلال الموسم الفلاحي 2014-2013 بحوالي 246.41 درهما، تم تحقيقها عن المواقع الإلكترونية للمكتب، المخصصة للتسويق، بحيث يتم تصدير المنتجات بكميات صغيرة، وفي غالب الأحيان كعينات.