انحلت الأخلاق في المجتمع، وانتشرت ظاهرة الجريمة و الانحراف، وصارت تأخذ أشكالا و صورا متعددة، فاتسعت رقعتها لتمتد إلى مدرجات الملاعب الرياضية، فسميت شغب الملاعب و تم نسيان أصل الظاهرة التي هي الانحراف. فأصبح المهتمون يركزون على ظاهرة الشغب، وكل يدلي بدوله حول الأسباب في انتشاره، وأشارت كل أصابع الاتهام إلى جهة اتفقت على اعتبارها المسؤول الأول عن الشغب رغم أن مواقفهم ظلت متناقضة بعد أن كانت بالأمس القريب تعتبر تلك الجهات مبدعة لما تخلقه من فرجة في المدرجات من خلال اللوحات التي اتصفت بالفن و الجمالية بغض النظر عن المضمون و الأفكار التي تحملها ... و هكذا بعد أن توالت الأحداث، وبلغ السيل الزبى، وأصبح من الضروري إيجاد حل لهذه المعضلة، ظهر الحديث عن حل للقضاء على الظاهرة، فقيل "حل الألترات "، لينقسم الشارع بين مؤيد و معارض لهذه الفكرة، لكن و للأسف فإن هذا الحل ما هو إلا تعبير عن جهل من اقترحه و من أيده في هذا الاقتراح و خاصة الباحثون في الميدان القانوني ، و هو جهل بالجهة التي يدعون إلى حلها، فلابد من البحث أولا عن الوضعية القانونية للألترات قبل الدعوة إلى حلها. فالألترات أو الألتراس نشأت بناء على مجموعة من المبادئ و الأفكار، وأهمها الاستقلال التام عن ادارة النادي، والتمرد على أي محاولة لفرض السيطرة عليهم خاصة من جانب السلطة و هو الأمر الذي يفسر الشعار الذي يردده كل الألترات سواء في المغرب أو خارجه و هو A.C.A.B و الذي يعني ( كل الشرطة أوغاد، all cops are bastards) ، بالإضافة إلى التمرد على القوانين ... وعليه فإن تأسيسها لابد أن يكون بعيدا على القانون حتى لايتم الحد أو التقييد من أنشطتها بالقانون. و لست هنا للتعريف بالألتراس و إنما لتوضيح فكرة أساسها أن الألترات لايمكن حلها ، فلا يمكن حل شيء غير موجود ، و أقصد هنا بالوجود ذلك الوجود القانوني، فالألترات ليست شخص معنوي فهي ليست بجمعيات و لا بشركات و لا وجود قانوني لها، إنما هي مجرد فكرة تجسدت على أرض الواقع في غياب تام لتقنينها. و بناء عليه فإن القرار الذي اتخذته وزارة الداخلية المغربية و الجامعة الملكية لكرة القدم في منع الألترات من الملاعب الرياضية بدل حلها يفسر ما سبق الحديث عنه، ثم إن حل الشخص المعنوي ليس من اختصاص وزارة الداخلية و إنما من اختصاص المحكمة كعقوبة إضافية في حالة صدور مقرر بالإدانة، أو كجزاء بالنسبة للجمعيات التي تؤسس لغاية أو لهدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الأخلاق الحسنة أو قد تهدف إلى المس بوحدة التراب الوطني أو بنظام الدولة الملكي. و من هنا أدعوا إلى إيجاد حل جدي يرضي كافة الأطراف، أندية وجمهورا، ثم مجتمعا يطالب بالأمن و الاستقرار.