إذا كان الزعيم الكردي مسعود البارزاني قال يوماً لزميل في صحيفة "الحياة" إن الحدود الجديدة تخط بالدم، لا الأقلام، فإن الصحراء المغربية، مقبرة منذ القدم للغزاة والشهداء، وما كانت يوماً هدية تعطى، أو منحة حتى يستردها المانحون من جهاز الباكيمون. الزعيم الكردي يشير إلى "قلم الرصاص" الذي خط سايس بيكو التي قطعت أوصال العالم الاسلامي والعربي، وكانت من نتائجها مشكلة الصحراء اليوم. على مغاربة هذا الجيل أن يستعدوا مثل أسلافهم لكل التطورات، فكل الأحرار في أصقاع العالم، يقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل تاريخهم، ووحدتهم وأشبار في أوطانهم، ناهيك عن نصف وطن أو ثلثه. في غفلة من المغاربة سلبوا نصف وطنهم بكل كياناته العربية والأمازيغية والزنجية، (انظر خريطة علال) فرضوا بالأمر الواقع، وخطبوا ودّ رجال مدريد وباريس ثم واشنطن فيما بعد، لأنهم ظنوا أن قوافل الشهداء ينبغي أن تتوقف. لكننا اليوم إذا لم نستعد للموت من أجل وحدة أوطاننا، فإن الغزاة غداً سيقولون لأطفالنا، مثلما قال الاسرائيليون للفلسطينين: من قال إن هذه أرضكم؟ وما الأحاديث الأميركية والروسية عن تقسيم سورية إلى ثلاثة كيانات عنا ببعيد. إن الأجانب (في البداية إسبان وفرنسيون والآم كثر) الذين زينوا لبعض الصحراويين، أن يختاروا غير أمتهم وبلادهم وأوطانهم، سيزداد فتكهم بالجيل المقبل، كلما طال أمد القضية، وتوارثت الأجيال قصة التشكيك، وخطب الود الأممي. فلتطو هذه القضية: الصحراء مغربية، من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. فعلت ذلك تنظيمات، ودول، آخرها روسيا التي وضعت يدها على "القرم". أما السراب الأممي فإنه، لم يصنع شيئاً، سوى بعث رسالة خاطئة، هي أن "المغرب يحتاج تشريع وجوده في جزء من وطنه". *صحافي، وكاتب مغربي، مقيم في السعودية.