"بابلو اكليزياس" لا، "ماريانو راخوي" لا، "ألبرتو ريبرة" نعم، "بيدرو شانزيس" نعم، بهده الطريقة تم التصويت بأغلبية الأصوات بعدم الثقة في الحكومة الاسبانية الجديدة. فخلال جلستي التصويت، اللتين انعقدتا يومي الأربعاء والجمعة من بحر هذا الأسبوع، تمت المناداة الفردية على كل نائب باسمه، ليصوت شفهيا بكلمة "نعم" أو "لا"، وكانت النتيجة رفض 219 نائبا للحكومة الجديدة من مجموع 350 نائبا في مجلس النواب، وبالتالي فشل "بيدرو شانزيس"، زعيم الحزب الاشتراكي العمالي، في كسب ثقة مجلس النواب خلال تصويت التنصيب. التصويت لم يكن مفاجئا: دخل زعيم الاشتراكيين جلستي التصويت على الثقة في حكومته، وهو يعلم مسبقا أنه لا يحظى بدعم الأغلبية، بل كان فقط بدعم حزبه ب 90 صوتا وحزب "المواطنون" ب 40 صوتا، وحزب "التحالف الكناري" بصوت واحد، وهو ما يجعله بعيدا عن الأغلبية المطلقة المقدرة في 176 صوتا، لكنه كان يأمل في امتناع أحد الحزبين، "الشعبي" أو "بوديموس"، عن التصويت، حتى يتسنى له قيادة الحكومة الجديدة بالأغلبية النسبية، لكن الأحزاب المنافسة، ورغم مرور أزيد من 75 يوما على الانتخابات العامة في اسبانيا، ليست في عجلة من أمرها. فالحزب الشعبي لا زال يأمل في قيادة ائتلاف حكومي بمشاركة "الحزب الاشتراكي" و "حزب المواطنون"، وكذلك الشأن بالنسبة "لحزب بوديموس" الذي يرغب في ائتلاف حكومي يساري و تقدمي يجمعه "بالحزب الاشتراكي" و"حزب اليسار الموحد". بداية العد العكسي لإعادة الانتخابات بحسب مقتضيات الدستور الاسباني، وخصوصا الفصل 99، فإن تصويت الثقة الأول يحتاج إلى الأغلبية المطلقة من أجل إقراره، وإلا يتم اللجوء إلى التصويت الثاني بعد 48 ساعة، والذي تكفي فيه الأغلبية النسبية لتنصيب الحكومة الجديدة. أما في حالة تعذر ذلك، فإن العد العكسي المحدد في شهرين من أجل تشكيل الحكومة أو إعادة الانتخابات، يحتسب من أول تصويت للثقة، وبالتالي فإنه لأول مرة مند إقرار دستور 1978، سيتم تفعيل هذا الإجراء، لكون الحكومة لم تفز بثقة البرلمان خلال التصويت الأول والثاني، فأغلب الحكومات السابقة كانت تحظى بثقة البرلمان من التصويت الأول نظرا لامتلاكها الأغلبية المطلقة، وكان هناك استثناءان فقط، كانت الحاجة فيهما إلى التصويت الثاني، وذلك خلال الولاية الثانية لرئيس الحكومة السابق "لويس زاباتيرو" 2008-2011، وخلال التصويت بالثقة على حكومة "ليبولدو كلفو سوتيلو" عام 1981. لقد بدأ العد العكسي، بحيث إن لم يتم تشكيل الحكومة حتى الثاني من مايو، فسيتم حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات عامة في 26 يونيو القادم. سيناريوهات المرحلة أسئلة كثيرة تطرح ومن بينها: هل يواصل زعيم الاشتراكيين مساعيه لتشكيل الحكومة؟ أم تعود زمام المبادرة إلى الحزب الشعبي في حالة المطالبة بها؟ يعطي الدستور الاسباني صلاحيات للملك، لكنها تَظل مرتبطة بمشاورات يجريها مع ممثلي الأحزاب في البرلمان وبتوافق مع رئيس المجلس. وعليه، فإنه سيعاود تكليف الشخصية التي تحظى بإجماع أكبر، ويمكنه تعيين شخصية غير حزبية، إذا توافقت الأحزاب على ذلك. ومن المستبعد أن يطالب "الحزب الشعبي" الملك بتكليفه بتشكيل الحكومة، اللهم إذا غيّر "الحزب الاشتراكي" من موقفه في التحالف معه، وهو أمر مستبعد. ويبقى أحد السيناريوهات القائمة، أن يواصل زعيم الاشتراكيين مساعيه، وهو ما أكد عليه بعد التصويت بعدم الثقة في حكومته، حيث قال إنه لن يستسلم وسيواصل مفاوضاته، ولعل الرسائل التي وجهها زعيم "بوديموس"، في آخر مداخلاته، باستعماله لغة رومانسية وناعمة تجاه "بيدرو شانزيس"، قد تكون، إن صحت الأقوال، بداية حقيقية نحو التوافق والتنازلات. الخلاصة أنه مع بداية العد العكسي، سيبدأ الضغط على جميع الأحزاب، على اعتبار أن كل استطلاعات الرأي تبين أن غالبية الإسبان لا يرغبون في إعادة الانتخابات، ويحبذون توافق الأحزاب فيما بينها، كذلك أظهرت تلك الاستطلاعات، أن إعادة الانتخابات لن تغيّر الكثير في المشهد السياسي، فلن يكون بمقدور أي حزب امتلاك الأغلبية المطلقة، وبالتالي فإن هذه المعطيات ستضغط في اتجاه توافق بين الأحزاب الكبرى، وإلا فإن إعادة الانتخابات قد تؤدي إلى عقاب انتخابي للأحزاب التي لم تظهر مرونة في مسلسل المفاوضات. *دكتوراه الدولة في القانون الدستوري جامعة فالنسيا l مهتم بالشأن الاسباني