على بعد تسعة أيام من موعد الإضراب الوطني العام الذي دعت إليه المركزيات النقابية الأربع، الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفيدرالية الديمقراطية للشغل، يوم الأربعاء 24 فبراير بمجموع التراب المغربي وبالقطاعين العام والخاص، كثفت النقابات من اتصالاتها مع هيئات المجتمع المدني مراهنة على إضعاف شعبية عبد الإله بنكيران قبيل الاستحقاقات التشريعية المقبلة، التي ستحدد مصير حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي. وفي الوقت الذي فضل فيه بنكيران مواجهة دعوة النقابات إلى الإضراب العام بكثير من اللامبالاة، اعتبر متخصصون في العلوم السياسية والقانون العام أن الحكومة الحالية قد راكمت مجموعة من الأخطاء القاتلة التي أضرت بالقدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما تسبب في تفشي نوع من الاحتقان في الأوساط الشعبية والعمالية وفئة عريضة من المواطنين، لكن هذا لا يعني أنه يمكن لمثل هذا الإضراب أن يشكل مقياسا لسخط الناخبين على بنكيران وحزبه، يقول كل من سعيد خمري، أستاذ العلوم السياسية بالمحمدية، ورشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق في مدينة سلا. خمري، وفي تصريح لهسبريس، قال إنه في ظل انعدام أي مبادرات حكومية تتضمن إجراءات ملموسة ترفع من القدرة الشرائية لعموم المواطنين أو تدعم الطبقة المتوسطة، فإنه لا يمكن البحث عن الرابح أو الخاسر في لعبة شد الحبل التي تجري حاليا بين المركزيات النقابية الأربع الأكثر تمثيلية والحكومة، أو البحث فيما إذا كانت شعبية بنكيران ستتأثر أم لا، وهو الرأي نفسه الذي عبر عنه رشيد لبكر، الذي أوضح أن الإضراب العام لا يمكن أن يكون مؤشرا موضوعيا لقياس مدى شعبية بنكيران، نظرا لكون هذا الدور موكول لصناديق الاقتراع. أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق الحسن الثاني بمدينة المحمدية، سعيد خمري، قال إن "الحكومة ورئيسها عبد الإله بنكيران مطالبان بضرورة فتح حوار حقيقي مع التنظيمات النقابية الداعية للإضراب، في الوقت نفسه يجب أن تحرص على إشراك الفرقاء الاجتماعيين المعنيين بكل برنامج إصلاحي، مع ضرورة العمل على تعزيز القوة الشرائية للطبقة المتوسطة والكادحة، لأن ذلك يعتبر مفتاحا أساسيا لتخفيف الاحتقان داخل الأوساط العمالية التي تضررت كثيرا من الارتفاع الكبير للأسعار في ظل استقرار الأجور أو تقلصها". رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق في مدينة سلا، أورد بدوره، في تصريح لهسبريس، أن وتر الإضراب الذي تعزف عليه النقابات، بسبب الإضرار بالقوة الشرائية، هو وتر مشروع، قائلا إن "الحكومة أضرت بالفعل بهذا الجانب، لكن في الوقت ذاته لا بد من الإشارة إلى أن المواطن بدوره ينظر بعين الريبة للنقابات، وهو ما يثير مسألة مدى قدرة النقابات على تزعم حركة احتجاجية في ظل جو عدم الثقة في الجسم النقابي من طرف الطبقات الشعبية". هذا الجو من تدني مستوى الثقة، جعل النقابات تستعين بهيئات المجتمع المدني من أجل حشد المواطنين للمشاركة في الإضراب العام الوطني ليوم 24 فبراير الجاري، يقول لبكر، مضيفا: "بشكل عام، فإن استعانة النقابات بالجمعيات مسألة عادية". وفي السياق نفسه، قال سعيد خمري إن إشراك جمعيات المجتمع المدني في الإضراب العام هو مسألة مشروعة تدخل في نطاق الممارسة الديمقراطية العادية والمعتادة، وأضاف: "أعتقد أن استعانة المركزيات النقابية بالجمعيات في حشد المشاركين في الإضراب العام الوطني، هو ورقة ضغط تشهرها النقابات في وجه الحكومة أملا في الحصول على مزيد من المكاسب".