وجهت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الواقع مقرها بنيويورك، تحذيرا للمغرب بعنوان "كنتقطّع بالحريق"، أي "أتمزق ألماً"، تطالب فيه الحكومة بضرورة توفير خدمات "الرعاية التلطيفية" لصالح آلاف المغاربة، ممن قالت إنهم مصابون بالسرطان وأمراض خطيرة أخرى قابلة للعلاج. التحذير، الذي جاء في شكل تقرير، تزامنا مع اليوم العالمي للسرطان، أورد أن عشرات آلاف المرضى المصابين بأمراض خطيرة في المغرب "يعانون من آلام حادة"، و"أكثر من 62 ألف مغربي يحتاجون سنويا إلى الرعاية التلطيفية الهادفة إلى تحسين حياة المرضى الذين اقتربوا من نهاية حياتهم"، مضيفا أن الحكومة تنفذ سياساتها الصحية في هذا السياق بشكل "بطيء جدا". وأورد المصدر ذاته أنه، ورغم اتخاذ حكومة عبد الإله بنكيران "خطوات هامة لتحسين الرعاية الطبية في مراحل نهاية الحياة..إلا أن اثنين فقط من المستشفيات العمومية، في الدارالبيضاء والرباط، لديها وحدات خاصة تقدم هذه الخدمة الصحية الأساسية، وفقط لمرضى السرطان"، مشيرا إلى أن المرضى الذين يعانون آلاما شديدة خارج هاتين المدينتين "عليهم إما تحمل السفر الشاق إلى هذه المراكز أو الاستغناء عن معالجة الألم". وخلُصت "HRW" إلى أن "الوضع قاتم" حيال 40 ألف مغربي "يحتاجون سنويا إلى رعاية تلطيفية لأمراض أخرى غير السرطان، كالذين بلغوا مراحل متقدمة من أمراض القلب أو الرئتين أو الكلى"، على أن المغرب "لا يوفر الرعاية التلطيفية لكل هؤلاء"؛ فيما أوردت أن خلاصات التقرير جاءت بناء على مقابلات معمقة مع 85 مريضا، وعاملين في المجال الصحي في 5 مناطق. كما كشف التقرير ذاته أن 4 من كل 5 أشخاص في المغرب لا يحصلون على دواء "المورفين"، الذين هم في حاجة إليه كأهم علاج للآلام الحادة في آخر العمر. كما أن كثيرا من المرضى، يضيف المصدر ذاته، لا يحصلون على علاج مناسب، و"حوالي 1 من بين كل 50 طبيبا يمكنه أن يعطي وصفة فيها "المورفين" لمرضى خارج المستشفيات". مقابل ذلك، أقرت "هيومن رايتس ووتش" بأن الحكومة الحالية والسابقة اتخذت خطوات إيجابية لتطوير خدمات الرعاية التلطيفية، منها "اعتماد سياسات صحية وطنية بقرارات مهمة في الرعاية التلطيفية"، و"إزالة قيود كان يفرضها قانون المخدرات للحصول على المورفين"؛ فيما أوردت أن المغرب بات من أوائل البلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي "تدرس الرعاية التلطيفية في المناهج الطبية الجامعية". إلا أن التقرير رصد ما وصفه ب"البطء الشديد" في تنفيذ تلك السياسات الحكومية، ف"وصف المورفين لازال مقيدا بحواجز قانونية وتعليمية كثيرة"، و"وحدات العلاج التلطيفي في فاس ومراكش، التي كانت الحكومة تنوي افتتاحهما بين عامي 2011 و2013، لم تعمل حتى الآن"، مع "أدوية متوفرة في بعض الصيدليات والمستشفيات، وقلة من الأطباء من يصفونها". ونقلت المنظمة الدولية تصريحا للمعطي النجمي، الخبير في مجال الرعاية التلطيفية، الذي قال: "أمام المغرب فرصة ليصبح رائدا في مجال الرعاية التلطيفية في إفريقيا الغربية؛ ولكن عليه مضاعفة جهوده لضمان توفير هذه الخدمات لمن يحتاجها"، فيما تابع ديدريك لوهمان، وهو مسؤول في قسم الصحة ب"HRW"، بأن "هناك حاجة ماسة إلى أن توسع الحكومة المغربية خدمات الرعاية التلطيفية".