قواسم كثيرة تجمع بين الحكام العرب، وتوحدهم لتقدمهم في طبق لا يخير فيه الواحد عن الآخر إلى في مستوى تركيز الغباء السياسي واحتضان مختلف الأمراض النفسية، وهنا فقط لا ينهى من يضع البيض في سلة واحدة، ولا تقرع الطاولات على من يهتف بالجمع بدل كل مفرد، فهم يتسارعون ويتنافسون في إثبات جدارتهم في تلك القواسم، ما دفع الواحد تلو الآخر ليؤكد عن جدارته في استغباء الناس وجدارته في حكمهم باعتباره أعقل العقلاء، فقال بن علي "فهمتكم" وهو الذي لم يفهم شيئا، وتسارع الجميع للقول ببعده عن ما جرى للكرسي رقم 21، وقال حسني مبارك "مطالبكم مشروعة"، ولم ينفذها، وغيره سار على ذات المنوال. واستغرب القذافي، لماذا يثور الجرذان ضد الرجل "المجد"؟ ولماذا يصرون على رفع صور عمر المختار، وما الفرق بين زعيم الثورة معمر القذافي وبين المقاوم عمر المختار؟ فكلاهما يعقد ركتبه من أجل الصمود وعدم التواري والكر؟ وحتى المعارك التي يقودها الرجلان تتشابه من حيث شكلها، من حيث الأسلحة المستعملة، وعدم التوازن بين الأطراف في المواجهة، بين الأسلحة الثقيلة بقوتها وجبروتها وفتكها، واستطاعتها تحويل البشر إلى أشلاء في رمشة عين، وبين الأسلحة الخفيفة التي لا تستطيع سد رمق الأمن لأصحابها، ما حولها إلى شبهة في أيدي أصحابها أكثر من أداة للدفاع عن النفس. وهما معا كانا ضد الأطماع الأمبريالية والتوسع الأجنبي، وقاوماه طيلة حياتيهما، واستطاعا طمس رأس الراية الاستعمارية في التراب، ففي الوقت الذي وقف فيه عمر المختار ضد الاستعمار الإيطالي والامتداد الفاشي، قاوم معمر القذافي الولاياتالمتحدةالأمريكية وامتدادها في منطقة الشرق الأوسط، بل تجاوز القذافي ،في هذه المسألة عمر المختار، فبينما قاوم هذا الأخير الامتداد الأجنبي لعشرين سنة، استطاع القذافي أن يقاوم الامتداد الأمريكي لاثنين وأربعين سنة. الفرق بينهما، واسمحوا لي في وضع الاسمين في مقال واحد، أن عمر المختار يربط ركبته حتى لا يتراجع ولا يكر في المعارك التي خادتها المقاومة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي، وكانت سنة ليبية محضة، استطاعت زعزعة عرش الفاشية، بينما عقد القذافي ركبتيه حتى لا يتزعزع عن كرسي الرئاسة، وبقي يحكم الشعب بسياسة المجنون طيلة اثنين وأربعين سنة، وحتى حين أراد الشعب زحزحته عن عرشه اتهم الشعب بالخروج عن الطاعة والجنون،"فلا شعب يتخلى عن المجد". والفرق بينهما، أن المعارك التي شارك فيها عمر المختار واجه فيها الدبابات بأسلحة خفيفة، بينما واجه القذافي شعبه بأعتى الأسلحة وأمر سلاح الجو والبر والبحر بقذف الجرذان والحثالة وجراثيم وقتلهم، والفرق أن المختار اختاره الجميع على رأس المقاومة لذكائه في الحرب وحكمته وفطنته، بينما اختار القذافي أن يتنازل عن مرضه ليحكم الجراثيم بغبائه وجنونه. لقد قال عمر المختار يوما: "انني اؤمن بحقي في الحرية، وحق بلادي في الحياة، وهذا الايمان اقوى من كل سلاح، وحينما يقاتل المرء لكي يغتصب وينهب، قد يتوقف عن القتال اذا امتلأت جعبته، أو أنهكت قواه، ولكنه حين يحارب من أجل وطنه يمضي في حربه الى النهاية"و"ان الظلم يجعل من المظلوم بطلا، وأما الجريمة فلا بد من أن يرتجف قلب صاحبها مهما حاول التظاهر بالكبرياء". وهو "الكبرياء" الذي دفع القذافي ليقول:"أنا قائد أممي وعميد الحكام العرب وملك ملوك افريقيا وإمام المسلمين".وهو الكبرياء ذاته الذي أخذه القذافي، متكبرا ومصابا بجنون العظمة، وهو يتوعد قومه بحرب شرسة، مطبقا مقولة شيخ المجاهدين عمر المختار "نقاوم ولا نستسلم، ننتصر أو نموت"، وهو يقول "نحكم أو نحولها إلى حمام ذم". القاسم المشترك أن لحكامنا كبرياء لا تخرقه الاحتجاجات، ويطلبون منكم منحة وقت حتى يكون الخروج سالما، لا يذل فيه الحاكم، ولا يتم تفتيش جيوبه في نقط العبور، فهل فهمتم الفرق بين معمر وعمر؟، فهمنا ... ويا ليت فهمنا كان قاصرا، عسانا لا نبيت بكسر خاطر، ولا نصبح أمة سخرت من حكامها وشعوبها الأمم. [email protected]