أثارت الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، مساء أمس بطنجة، حول الإجراءات التي سيتم اتخاذها لتطويق "أزمة أمانديس"، استياء وغضب عدد من النّشطاء الواقفين وراء الاحتجاجات الغاضبة من شركة "أمانديس"، إذ أعلنوا عزمهم تنفيذ احتجاج جديد يوم السبت القادم. واختار بنكيران، الذي حل بشكل عاجل بطنجة برفقة وزير الداخلية محمد حصاد، بأوامر من الملك، سياسة "العين الحمرا" لمواجهة مبررات استمرار الاحتجاجات، موردا: "سؤال الحكومة مشروع، لماذا يستمر هذا الاحتجاج بهذه الطريقة؟، في الدول الديمقراطية حين يكون مشكل يعترف به، والكل أقر بأن هناك اختلالات". بنكيران حاول أن يستدرك بتوجيه عبارات الإطراء في وجه الطنجاويين بقوله: "طنجة عزيزة على العالم كله، وعلى الناس لي فيها والمغاربة كاملين، والسمك هو الوحيد الذي لا يعلم أنّه يسبح في ماء مالح.. والملك جعل من المدينة ابنه المدلل، ويزورها باستمرار، ويعطف عليها ويخصها بالتوجيهات". وجاءت الكلمة التي أثارت غضب المحتجين "مدينة طنجة الجميلة تغيرت للأحسن، ولا يناسبها أن يسمح لها بإثارة الفتنة"، مردفا بقوله: "تعرفون كيف تتم معالجة مثل هذه المشاكل في الدول الأخرى..بأساليب منحطة"؛ فيما توجه بالكلام إلى حصاد الذي كان يجلس بجانبه، قائلا: "حين ندخل طنجة نشعر بالفرحة، إلا اليوم، لا أعرف لماذا". وتابع بنكيران تصريحاته المثيرة: "لماذا يستمر الاحتجاج بعد أن تم الإقرار بالمشكل وشرعنا في علاجه؟ لا تتركوني أقول إن هناك جهات عندها غرض في إثارة الفتنة..من له الحق في إثارة القضية والدفاع عن طنجة هم أبناؤها"، موردا بشكل يجمع بين السخرية والجد: "إذا لم تتوقف هذه الاحتجاجات سأبقى هنا لمعرفة السبب الحقيقي في استمرارها". "من وجد مشكلا، فليأت عندي إلى الرباط لحله.. وإلا سأكون رئيس حكومة فاشلا.. وحتى لا تكون الدولة مضطرة إلى الشك في أمور أخرى، أو تتصرف تصرفاً آخر"، يضيف بنكيران، متوجها بالحديث إلى الطنجاويين: "يجب على أبناء طنجة القيام باللازم" وفق تعبيره. واعتبر رئيس الحكومة أن المشاكل الاجتماعية في المدينة "لا تحل بالوقفات والاحتجاجات؛ لأن لذلك أضرار على السياحة والساكنة والوطن، ويمكن أن تكون له عدوى في مدن أخرى"، داعيا ساكنة طنجة إلى وقف الاحتجاجات وعدم الانخراط فيها؛ "لأننا جئنا باسم جلالة الملك، وقمنا بالواجب حتى لا تؤدي الاحتجاجات إلى أمور غير منتظرة". فوهة المدفع وأثارت تصريحات بنكيران موجة من الغضب في صفوف المحتجين، الذين انقسموا بين من اعتبرها تهديدات مباشرة من أجل وقف الحراك الاحتجاجي، وبين من رآها "تنقيصا" من قيمة السكان الذين خرجوا بالآلاف ليلة أول أمس في الشوارع، بعد أن أطفئوا الأنوار في المنازل والمحلات، إلى جانب امتناعهم عن أداء الفواتير للشركة المعنية. أحد النشطاء علق على خطاب بنكيران على صفحته ب"فيسبوك"، قائلا: "الفتنة الحقيقية أن تدافع عن شركة تمتص دماء المواطنين، وترفض فسخ العقدة معها"، مضيفا: "الفتنة أن تهدد الناس بالقمع وتبحث عن قرابين للتضحية بهم.. الفتنة ألا تكون بجانب شعبك وتحقق مطالبه". واعتبر ناشط آخر أن رئيس الحكومة، بخطابه المذكور، "وضع نفسه في فوهة المدفع" مسترسلا: "اليوم عندما خرجت ساكنة طنجة بعشرات الآلاف لتقول بشكل حضاري وسلمي: لا للنهب، لا للسرقة، لا لعربدة شركة الاستعمار. أمانديس ارحل... وصف هؤلاء المحتجين بأنهم يريدون إشعال الفتنة". واستغربت إحدى الصفحات المتابعة لاحتجاجات الطنجاويين عدم إقدام المجلس البلدي لطنجة على فسخ العقدة مع شركة "أمانديس"، فمن وجهة نظرها، "يستطيع حزب العدالة والتنمية وعمدة طنجة في 5 دقائق فسخ العقدة مع "أمانديس"، بمقتضى البند 65 من الاتفاقية التي تجمعه بالشركة". ناشط آخر ضم صوته إلى الغاضبين من خطاب رئيس الحكومة بقوله: "بنكيران يغامر بالبلد، ويصب الزيت على النار، ولم يأت سوى لإشعال الحرائق. وأنا أقول التقطوا الإشارات قبل فوات الأوان.. عالجوا الاحتقان الشعبي قبل أن تكبر دائرته.. سيروا في خط الشعب، والتزموا خط بوصلته كي لا تتيهوا". إلى ذلك، عمد البرلماني عن حزب العدالة والتنمية إلى رقن تدوين على صفحته بموقع "فيسبوك"، يوضح فيه حيثيات خطاب بنكيران بقوله: "لا يمكن لعاقل أن يتصور صدور "تهديد" من رئيس الحكومة لأبناء طنجة، لأنهم يخرجون للاحتجاج على شركة "أمانديس"، وذلك بعدما أقر الجميع بوجود اختلالات لدى الشركة، وكل ما في الأمر أن من روج لهذا الادعاء اختلقه اختلاقا".