يفتتح الملك محمد السادس، يوم الجمعة المقبل، الدورة الخريفية من الولاية التشريعية الحالية، وهي آخر سنة تشريعية قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، وسط رهانات ستطبع عمل الحكومة والبرلمان. ويرى العديد من المراقبين أنه في الوقت الذي مازال الائتلاف الحكومي محافظا على تماسكه، باستثناء بعض الخلافات التي حدثت مع تدبيره للتحالفات عقب الانتخابات الجماعية والجهوية، فإن المعارضة التي اختار حزب الاستقلال فك ارتهانه بباقي مكوناتها ستدخل الموسم السياسي بدون تنسيق، وهو ما سيؤثر على أدائها في معارضة توجهات الحكومة. وهكذا سيكون رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران مطالبا بتنفيذ ما تبقى من برنامجه الحكومي الذي وعد به المغاربة، وفي مقدمته إتمام الإصلاحات الكبرى التي قطع على نفسه تنفيذها، وعلى رأسها ما هو استعجالي؛ كإصلاح صناديق التقاعد المهددة بالإفلاس، وإيجاد حلول عملية لما تبقى من المواد المدعمة في إطار صندوق المقاصة. من جهة ثانية يطرح على الحكومة ضرورة الوفاء بالتزاماتها في ما يخص تنزيل المقتضيات الدستورية، وذلك بهدف إتمام المصادقة على منظومة القوانين التنظيمية المكملة للدستور، والتي يلزمها المصادقة عليها وإحالتها على البرلمان قبل نهاية ولايتها. وفي هذا السياق ينتظر أن يصادق البرلمان في سنته التشريعية الأخيرة على مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بإصلاح القضاء، وتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وإحداث المجلس الوطني للغات، وممارسة الحق في الإضراب، وتقديم ملتمسات في مجال التشريع وتقديم العرائض، ومجلس الوصاية. الدكتور محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في جامعة مراكش، يرى في تصريحات لهسبريس أن أبرز الرهانات الأساسية خلال السنة التشريعية الحالية هي تنزيل مقتضيات الفصل 86 من الدستور المتعلقة بالقوانين التنظيمية. وقال الغالي في هذا السياق إنه بعد إتمام تنزيل مقتضيات الديمقراطية التمثيلية، بإجراء انتخابات مجلس المستشارين، فإن الحكومة ملزمة بتنزيل الديمقراطية التشاركية التي تعد لازمة للديمقراطية، وهو رهان أساسي وحقيقي كذلك، وسيساعد على بناء الثقة مع المجتمع المدني. من جهة ثانية، وعلاقة بالقوانين التنظيمية، سجل الغالي أن هناك إكراها يواجه الحكومة بخصوص تفعيل القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب، مشيرا إلى أن "استمرار غياب هذا القانون ستكون له مخاطر في علاقة الحكومة بالنقابات، لكونه من أكثر القوانين التي تعد اليوم في صالح الدولة، بغاية الحد من التشنجات التي يمكن أن تحدث بين الحكومة والمركزيات النقابية، لأن غياب مناخ الحوار سيضر بفرص الاستثمار". "خلال هذه السنة ستكون الحكومة ملزمة بتقييم ما التزمت به في البرنامج الحكومي، وبالتالي لابد لها من عرض ما أنجزته وما لم تنجزه"، يقول أستاذ التعليم العالي في جامعة القاضي عياض، معتبرا أنه "السنة الخامسة من عمر الحكومة ستكون استثنائية لأنها ستشهد إجراء الانتخابات التشريعية". وحول إمكانية رئاسة المعارضة لمجلس المستشارين بعد تصدر أحزابها لنتائجه، أكد الغالي أن هذا الأمر لن يطرح أي مشكل مؤسساتي، مبررا ذلك "بكون المعارضة شريكا في ممارسة السلطة، وليست خارجها؛ لذلك نص الدستور على رئاستها للجنة في البرلمان في البرلمان". وأبرز الغالي في هذا الاتجاه أنه "بالنظر إلى الثقافة الدستورية الجديد فإن هذا لا يطرح مشكلا؛ لأننا لسنا أمام علاقة صدام"، موضحا أن "التصويت على القوانين هو الأساس وليس الرئاسة، لذلك أعطى الدستور الأسبقية لمجلس النواب الذي تتوفر فيه الحكومة على الأغلبية".