أفرزت الانتخابات الجهوية التي جرت أمس الأحد بكاتالونيا نتائج تم تفسيرها بشكل مختلف بحسب إن كان الواحد مؤيدا لانفصال هذه الجهة الواقعة شمال شرق إسبانيا أو رافضا لذلك. ففيما يطالب إئتلاف "خونتس بيل سي" (معا من أجل نعم)، بصوت عال، باستقلال هذه الجهة بذريعة حصوله على "فوز عريض في هذا الاستحقاق"، يصر الرافضون للانفصال على "فشل" خطة الرئيس المنتهية ولايته بكتالونيا، أرتور ماس، والقيادي في الائتلاف المكون من حزب الوفاق الديمقراطي بكاتالونيا واليسار الجمهوري لكاتالونيا. وشددت الهيئات السياسية التي جعلت من استقلال كاتالونيا حصان طروادة خلال حملتها، لاسيما قائمة "خونتوس بيل سي" (جميعا من أجل نعم) و"حزب الوحدة الشعبية" (كوب)، على تحقيقها "فوزا ساحقا" بعد حصولها على 72 مقعدا في برلمان هذه الجهة من أصل 135، متجاوزة بذلك الأغلبية المطلقة (68 مقعدا). وقال أرتور ماس بعيد نشر نتائج هذه الانتخابات "لقد فازت نعم، وانتصرت الديمقراطية"، وأن الكاتالونيين منحوا، من خلال أصواتهم، "الشرعية" للأحزاب الانفصالية للمضي قدما في مشروعها، الذي ترفضه مدريد والاتحاد الأوروبي بقوة، مشيدا بنسبة المشاركة التي تجاوزت 77 بالمائة، ودعا للحوار والتماسك لمواجهة المرحلة المقبلة في البحث عن ائتلافات. من جهتها، شددت الأحزاب المناهضة للاستقلال، لاسيما الحزب الشعبي (يمين) والحزب الاشتراكي الكاتالوني وسيوددانوس على فشل التحدي الانفصالي، مؤكدة أن أرتور ماس وحلفاءه لم يحصلوا على أغلبية أصوات الناخبين (47,8 بالمائة)، وأن غالبية الكاتالونيين رفضوا مشروع الاستقلال. وقال بابلو كاسادو، المتحدث باسم الحزب الشعبي (الحاكم بإسبانيا) الذي فاز ب 11 مقعدا في برلمان جهة كاتالونيا، محتلا بذلك المركز الخامس في الاستحقاقات التي جرت أمس، "سنستمر في الدفاع عن وحدة إسبانيا". ومن جهته شدد بيدرو سانشييز، زعيم الحزب الاشتراكي (معارض)، والذي حصل على 16 مقعدا واحتل بالتالي المركز الثالث داخل البرلمان الكتالوني، على أن "من حصلوا على أكبر عدد من المقاعد لم يحققوا الشيء نفسه من حيث الأصوات، وخسروا بالتالي الاستفتاء" الذي كانوا يعتزمون تنظيمه. وبالنسبة لسانشيز، الذي دعا إلى إصلاح الدستور الإسباني، "هناك غالبية من الكاتالونيين لا يريدون الانفصال، ولكن يرغبون في فتح مرحلة للتعايش والحوار". وفي سياق متصل، أشار إيناس أريمادا، متصدر قائمة الحزب الليبرالي المناهض للاستقلال سيوددانوس، الذي أضحى ثاني قوة سياسية في كاتالونيا بحصوله على 25 مقعدا، أن "الكاتالونيين أداروا ظهرهم" للأطروحات الانفصالية التي تحصل على أغلبية الأصوات. إضافة إلى ذلك، طالب أريمادا باستقالة ماس وإجراء انتخابات جديدة في كاتالونيا لفسح الطريق أمام الحوار، وأمام عهد جديد بعد "فشل التحدي الانفصالي". وقالت الحكومة المركزية بعيد نشر نتائج انتخابات جهة كاتالونية أن هذه الأخيرة (النتائج) أكدت مرة أخرى "فشل الاستراتيجية الانفصالية" التي أطلقها أرتور ماس، مشيرة إلى أن الأحزاب المؤيدة للانفصال "لم تحصل على الدعم الذي كانت تتوقعه سواء من حيث المقاعد أو عدد الأصوات". ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر حكومية قولها إن "الكاتالونيين أظهروا مرة أخرى على أنهم جزء من مجتمع متعدد يقاوم خطة الانفصاليين". وقد تثير نتائج الانتخابات الجهوية التي جرت أمس بكاتالونيا، والتي فازت بها الأحزاب المؤيدة للانفصال عن إسبانيا دون الحصول على أغلبية الأصوات، جدلا واسعا في إسبانيا على بعد ثلاثة أشهر فقط من الاستحقاقات التشريعية العامة التي ستجرى بهذا البلد الإيبيري. *و.م.ع