هاجم إلياس عطاالله، القائد السابق ل"جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" تنظيم حزب الله، واصفاً إياه بأنه "وظّف تضحيات الشعب اللبناني وحقه بالتحرير، للدفاع عن نظام بشار الأسد في سوريا"، معتبراً أن المقاومة "مَهمة وليست مهنة".. وجاء ذلك في حوار معه بمناسبة مرور الذكرى ال33 على انطلاقة الجبهة التي شكّلها اليسار اللبناني، يوم ال16 من شتنبر عام 1982، لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي، بعد يومين من غزو البلاد. وبهذه المناسبة، روى عطالله، النائب السابق في البرلمان اللبناني (2005 – 2009)، ممثلاً حركة "اليسار الديموقراطي"، ضمن قوى ال"14 من آذار" الداعمة للثورة السورية، كيف تطورت عمليات المقاومة إبان الغزو، لتشمل كل لبنان بما فيه الجنوب، إلى أن أجبرت اسرائيل عام 1985على الانسحاب، إلى ما عُرف باسم منطقة "الشريط الحدودي". وبينما كان يسترجع تلك الأيام، قال: "كنا نحو 20 مقاتلاً نشكل 7 مجموعات، بالإضافة إلى رُسل هم عبارة عن فتيات وفتيان تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عاماً، ساعدونا في مهمات غير قتالية، كنقل الرسائل بيننا، لأن العمل كان يتميز بالسرية داخل مدينة محتلة".. ومضى قائلاً : "حين أعلن كلٌ من أمين الحزب الشيوعي اللبناني حينها، الراحل جورج حاوي، وأمين عام منظمة العمل الشيوعي، محسن ابراهيم، عن تأسيس الجبهة يوم 16 شتنبر، كنت في إحدى الشقق السرية في بيروت، لإطلاق العمليات الميدانية". "ليلة 16 نَظرتُ إلى الشارع، فوجدت أنه لم يعد من مجال لمحاربة إسرائيل، حيث امتلأت بيروت بالدبابات، فخرجت إلى شارع مارالياس، فشاهدت آلاف الجنود يستلقون على الأرصفة بكامل عتادهم العسكري".. وليلة 20 من الشهر نفسه قرر عطالله أنه "إذا لم يكن من الموت بدا، فمن العار أن تموت جباناً"، مضيفاً: "تحركت، ونفذت المجموعات أول عملية في بيروت بالقنابل اليدوية، حيث استهدفنا مجموعة إسرائيلية كانت تتمركز أمام صيدلية بسترس، ببداية شارع الحمرا في العاصمة". وأردف: "حين سمعت الإسرائيليين ينادون: يا أهالي بيروت نحن منسحبون لا تطلقوا النار علينا، أحسست بشعور غريب، ولم أصدق (...) إما نحن المقاومة سُوبِرْمَان، أو أنهم كذبة. جيش إسرائيلي ينسحب ويترجى عدم إطلاق النار عليه؟!".. في تلك اللحظة، انتاب عطالله شعور بنشوة الانتصار، فنام واستيقظ، فوجد الإسرائليين وقد رحلوا، عندها شعر وكأن المقاومة باتت تمتلك مساحة محررة مساحتها مليون كيلومتر مربع" على حد تعبيره. ذلك الشعور استمر يوماً، لتبدأ المعركة من جديد، بعد أن تشكلت ما تُعرف باسم "المجموعات النائمة" في المناطق، التي انطلقت بوتيرة سريعة في تنفيذ العمليات التي أجبرت الاحتلال على الانسحاب من العاصمة يوم 27 شتنبر.. ورأى عطالله، الذي استقال من قيادة الجبهة عام 1988، أن هذا الانسحاب السريع للإسرائيليي، يعود لسببين، "الأول: وتيرة العمليات المتسارعة ضدهم، والثاني: مجزرة صبرا وشاتيلا (ضد اللاجئين الفلسطينيين من 16 إلى 18 من الشهر نفسه، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف) التي شكلت عاراً دولياً". وسريعاً، نقلت المقاومة عملياتها إلى الجنوب اللبناني، بحسب القائد السابق للجبهة، قائلاً: "نفذنا خلال الأشهر الست الأولى، من الانسحاب الإسرائيلي من بيروت، عمليات عديدة بينها عملية رمزية في آخر نقطة حدودية لبنانية ساحلية في الناقورة، داخل الأراضي اللبنانية".. وفي 5 فبراير 1985 انسحبت إسرائيل من كل الجنوب إلى الشريط الحدودي، وبقيت في مدينة جزين.. وفي صباح نفس اليوم دخل عطالله إلى صيدا، حيث كانت "الاغتيالات قد بدأت ضد المقاومة منذ فترة". وفي هذا الصدد، عبّر عن مرارته من النظام السوري الذي قال إنه "مارس عبر استخباراته وحليفيه حزب الله، وحركة أمل، تفريغ المقاومة اللبنانية من قياداتها وكوادرها بالاغتيال، لأنها رفضت التحوّل إلى ورقة بيد المحور السوري – الإيراني"، معتبراً أن "المقاومة مهمة وليست مهنة، وأن حزب الله وظّف تضحيات الشعب اللبناني وحقه في التحرير، للدفاع عن نظام الأسد". وأشار عطالله إلى إصرار جبهته على طابعها اللبناني، قائلاً: "نحن لم نطلق رصاصة واحدة خارج السياج الحدودي باتجاه إسرائيل.. حيث كان هناك قرار بأننا مقاومة، ونخوض معركة تحرير لبنان، وليس فلسطين".. وتابع: "كان يهمنا كثيراً أن ينتصر الشعب اللبناني، لم نكن أوصياء على أحد، ولم يكن أحد من السكان يعرفون من نحن، حتى نَمَت المقاومة شعبياً وبات لها سمعة عظيمة". وهنا اعتبر ان "دخول حزب الله عبر تسمية المقاومة الإسلامية إلى ميدان مقاومة إسرائيل، والحديث عن تحرير فلسطين، أساء إساءة هائلة لهذا الشعور بالحق الذي يدفع كل لبناني ليهبّ ويدافع عن أرضه".. لكنه أقرّ بخطأ وهو أنهم كشفوا عن قوة المقاومة عام 1984 خلال احتفال أقاموه في ملعب نادي الصفاء، في منطقة وطى المصيطبة ببيروت، في ذكرى انطلاق المقاومة، بحضور نحو 50 ألفاَ. وقال عطاالله: "هذا الحضور أخافني من إمانية وضع المقاومة تحت المجهر، ولم يطل الأمر حتى تحققت أسوأ مخاوفي، تم استدعاء قيادات المقاومة، من قبل الاستخبارات السورية، وأبلغونا أن"ما نقوم به عمل استراتيجي، ويهم الأمن العربي كله، ولا يمكن أن ننفذ عمليات ضد اسرائيل بدون التنسيق المباشر مع الاستخبارات السورية". ومضى قائلاً: "ارتكبنا يومها المعصية الكبرى التي لم يرتكبها أحد، حين قلت للسوريين: لا نستطيع، وقتها كنت أحدث رئيس جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان، غازي كنعان".. وبعد أيام من ذلك الاستدعاء "بدأ اغتيال أعضاء قياديين في الحزب الشيوعي، ولجنته المركزية"، وفق عطالله الذي قال إن "حزب الله، وحركة أمل، والسوريين، والإيرانيين كانوا يحاولون وراثتنا".. وأضاف: "في العام 1988 قدمت استقالتي، ولم تصمد جبهة المقاومة بعدها أكثر من سنة. بعدها قامت بعملية فاشلة عام 1990، لكنها اُعتبرت استئنافاً للمقاومة التي استكملها حزب الله الذي بقى يعمل حتى استطاع تحرير الشريط الحدودي عام 2000". وعلى الرغم من انتقاده لحزب، إلا أن القائد السابق للجبهة لم يشكك بانتصار 2000، غير أنه وصفه بأنه " ليس انتصارا للدولة اللبنانية، والشعب اللبناني".. وكشف عطا الله عن لقاء جمعه مع قيادة الحزب برئاسة الأمين العام له، حسن نصرالله، إثر إنجاز التحرير في ماي 2000، وقال:" اقترحت عليهم أن تُسلم كافة الحدود للجيش اللبناني، وأن ينسحب كافة المقاومين، لأن مهمة المقاومة انتهت، كما قلت لهم أن المقاومة مهمة وليست مهنة، فما كان من أحد قياداتهم إلا أن اتهمني بالعمالة قائلاً: هذا كلام أمريكي". * وكالة أنباء الأناضول