إن المقامة من الناحية اللغوية هي اسم مكان من فعل أقام ، وهذا المعنى اللغوي يمكن استعارته لوصف المشهد السياسي المغربي الذي يقيم في عتبة ولا يبارحها، عتبة أمراض سياسية وحزبية ، ويمكن استعارة المقامة بمعنى الحديث والتسامر لنصف به الخطاب السياسي الإقصائي الذي لا تنقشع غيومه والمقيم بدوره على مبدأ غير ديمقراطي معششا على الإستئصال ، ومن البداهة القول إن الإختلاف وقبول الآخر هما أولى أبجديات الديمقراطية..لاشك أن ما ميز الخريطة الحزبية المغربية إبان استحقاقات 12 يونيو 2009 هو ظهور حزب جديد بلا تاريخ وبلا نضال ولم يعرف في انتخابات 2007 ، حزب الأصالة والمعاصرة (البام) ، وشخصية بارزة ، هو صديق للملك عمل في الداخلية ثم انتقل للحزبية بعد أن شارك مرشحا مستقلا في استحقاقات 2007 وفازت لائحته بكل مقاعد دائرته الإنتخابية، فؤاد عالي الهمة المثير للجدل بعد أن كان رجل ظل..الأستاذ المهندس أحمد بن الصديق في مقامته الإنتخابية جعل فؤاد عالي الهمة مكديها ! يشير بن الصديق في مقامته لما يميز شخصية وصفت بأقوى شخصيات المغرب وثانيته بعد محمد السادس وتأثيرها على المشهد السياسي والحزبي المغربي ما يجعل مقولة " ملك كل المغاربة " والوقوف موقف الحياد بين جميع الفاعلين تحت المجهر.. مقامة النضال من أجل الديمقراطية لا الهمقراطية ! طبعا أول شيء فعله فؤاد عالي الهمة هو "الرجوع إلى جذوره" على نغمة return back to my roots ، فخاض الإنتخابات التشريعية بقلعة السراغنة دائرة الرحامنة بعد أن طلب إعفاء من الملك بخصوص منصبه كوزير للداخلية ، وهو ما أشار إليه الأستاذ أحمد بن الصديق في مقامته :" يا أعضاء قبيلتي، وأبناء عشيرتي، يا من نفوسهم في الرحمة آمنة ومحبتهم في فؤادي كامنة " مستعملا خاصية التورية ، فدائرة الرحامنة هي (الرحمة آمنة) و(فؤادي) ، ( بوتيرة عالية) ، إشارة لفؤاد عالي الهمة الذي طلب إعفاء من الملك من منصبه كوزير للداخلية ف خرج " من تحت جبّة السلطان " ، وهكذا أنشأ حزبا رمزه الجرار أو التراكتور " شغل البلاد بلا نضال ولا مآسي" الذي اشتغل على أرضية الحزبية فاستأثر بالديمقراطية ، وإليه انضم ثلة من أصحاب المصالح الذين لا تهمهم مرجعية سياسية أو مبادئ وأخلاقيات " فلا مرجعية ولا أدبيات، ولا مبادئ ولا دراسات" والهمة تواصل في الساحة المغربية مع مكونات ثقافية وسياسية ، وهو المكدي الواقعي لمقامة بن الصديق الوارد على لسانه : " أما رأيتم أني استقطبتُ أهل الأدب والفنون، يلهثون ورائي في جنون، وروّضتُ من أبطال الرياضة النجومَ اللامعة "،"فحشوتُ في حركتي من كل الأطياف السابقة " ، ومن أجل هذا التواصل كان قد أسس جمعية (الحركة من أجل كل الديمقراطيين) "سميتها الحركة، أما رأيتموها نَمَتْ بوتيرة عالية، و استأثرت بمفهوم الديمقراطية " وغالب من انضم إليها يساريون راديكاليون وعززها الهمة "عزّزْتُها بالتائبين من المذاهب المارقة، الذين ألفوا غياهب السجون، ثم نسوا المبادئ لما انتفخت البطون، فسكبتُ الغثَّ على السّمين وركمتُ أقصى اليسار على أقصى اليمين " ، وهي الحركة التي شكلت نواة حزب الهمة كما ورد على لسانه ! لقد ذهب بعض المحللين إلى أن مهمة الهمة بعد إقالته أو استقالته من منصبه هي خلخلة المشهد السياسي المغربي وإحداث هزات عنيفة فيه كما عبر بلسانه ، أو كما في المقامة : " استأثرت بمفهوم الديمقراطية، فنزلتْ على ذلك المشهد السياسي الآسن رحمة من السماء "! وحسب حامي الدين فإن حزب الهمة يأتي ضمن مشروع لمواجهة التنامي السياسي لحزب العدالة والتنمية ، وحذر الإتحاديون من تهديد حزب الهمة للديمقراطية الناشئة في المغرب ، وهم جميعا : " يتباكون في بيانات الاستنكار، ويصيحون بالليل والنهار، مما فعل بهم سائق الجرار، وهم يرددون: اللهم قِنا شرّ هذا الكائن الجديد، الذي أفزع أحزابنا فجأة دون تمهيد " ! في المقامة " أيها الناس، اعلموا أني أغرِف من ينابيع تلك الصداقة، كلما احتجت لشيء من الطاقة، وما قوتي إلا تلك العلاقة، التي أوظِّفها بذكاء ولباقة " ، هنا يلمح الأستاذ أحمد إلى الصداقة الموجودة بين الملك محمد السادس وبين عالي الهمة وذهب البعض إلى أنه همزة وصل بين ملك البلاد ومصادر القرار السياسي ، بل قيل إنه جوكر الملك! أعلن الهمة ولادة حزب الجرار " تياري الجارف" الذي تكون من اندماج خمسة أحزاب إدارية يمينية.إن فؤاد عالي الهمة معروف بمناوراته السياسية ، وحال لسان خصومه يقول : " أنهَك كبارنا بصفعة، والَْتَهَم صغارنا دُفعة، وسَحَب البساط تحت الأقدام " ، نعم سحب البساط تحت الأقدام حين سحب دعمه للأغلبية الحكومية وانتقل للمعارضة فأحدث بذلك : " في البرلمان ضجّة، بلا منطق ولا حجّة، ولجْتُ ذات صيف بابه، وغزوتُ فِرقه وأربكت أحزابه، فبدأتُ بكراسي الأغلبية، ولم أُفصِح عن كامل النية، فلما حان وقت المقايضة، قفزتُ مع جنودي للمعارضة " وهو ما سبق لعباس الفاسي أن وصفه ب"لعب الدراري" ! ورد عليه الهمة واصفا إياه ب "الرجل العجوز" الذي كان يقبل رؤوس أعضاء الأصالة والمعاصرة حين كانوا في الحكومة وهو ذاته القول الذي أجراه الأستاذ بن الصديق على لسانه في المقامة : " أما الشيخ المسكين عباس، فقد تركته أضحوكة بين الناس، يستغيثُ و يستنقذ، و بهاتفه الجميل يستنجد " ! إن لسان مكدي المقامة عالي الهمة يقول " أيها الناس، مشروعي أكبر مشروع، وكلامي وحده المسموع " وهو تلميح للتكتيك السياسي الذي لعبه الهمة ، وبالرغم دعم الملك محمد السادس لعباس الفاسي حين انتقل الهمة وحزبه للمعارضة إلا أن بعض المحللين يرون أن القصر يمهد الطريق للهمة وحزبه من خلال إكسابه تعاطفا شعبيا للفوز بانتخابات 2012 ! بعد الإنتقال للمعارضة جمع التراكتور " السبي والغنائم" وتأهب لخوض غمار الإنتخابات الجماعية "الموعد القادم" ، وحينها وجه الهمة ضربة قاسية فاجأت جزب العدالة والتنمية والتجمع الوطني وهو يقول : " فقلت لخدمي خذوا المجالس، بعدما كنست التحالفات بالمكانس " فوجد حزبا المصباح والحمامة نفسيهما خارج التحالف الحزبي الذي كان منتظرا أن يسير الدارالبيضاء العاصمة الإقتصادية ! إن التكتيك والمناورة السياسية التي قام بها الهمة وحزبه الفرح بما لديه تستهدف نيل التعاطف الشعبي للفوز باستحقاقات 2012 بدعم من الملك حسب بعض المحللين ، وحسب الدكتور عبد العالي حامي الدين فإن التاريخ السياسي المغربي يعيد نفسه ، جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية (الفديك)" عام 1963 على يد الراحل أحمد رضا صديق الملك الراحل الحسن الثاني، وكان هدفه ضرب جماهيرية الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (الاتحاد الاشتراكي حاليًّا بعد تغيير الاسم عام 1975 إثر انشقاق) الذي كان وقتها أقوى حزب معارض؛ وحصد حزب أحمد رضا نتائج أول انتخابات تشريعية عرفها المغرب.. [email protected] www.hadakalami.blogspot.com face book : hafid elmeskaouy