"مثلما نَجح في إخراج وزارة ظلت مغمورة مُنذ إحداثها سنة 1977، إلى دائرة الضوء من خلال الإصلاحات التي قام بها سواء فيما يتعلق بهيكلتها الإدارية أو في علاقاتها مع البرلمان والمجتمع المدني، بإمكان الحبيب شوباني الذي انتخب أول الأسبوع الجاري رئيسا لجهة درعة تافيلات أن يضعها في صدارة جهات المغرب الناجحة"، هكذا يُعلق أحد الفاعلين الجمعويين. يتذكر نفس الفاعل الجمعوي كيف تمكن الوزير السابق للعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، من الحصول على تمويل خاص بورش الحوار الوطني حول المجتمع المدني بشراكة دولية أضفت على الحوار الوطني طابعا دوليا هو اليوم موضوع عروض متخصصة في العديد من المحافل الدولية، وشكلت تجربة حوارية رائدة، أثمرت أزيد من 260 توصية، من أبرزها مدونة للحياة الجمعوية، وميثاق الديموقراطية التشاركية، وأرضية قانونين تنظيميين متعلقين بتقديم العرائض وملتمسات التشريع. بدُون شك، ستجد فعاليات المُجتمع المدني بجهة درعة تافيلات، نفسها أمام فَاعل جمعوي وأول وزير سابق تقلد حقيبة وزارة العلاقات مع البرلمان والمُجتمع المدني، استقبل في مكتبه بالرباط مئات الجمعويين والجمعويات، والتقى بآلاف منهم خلال اللقاءات الجهوية والوطنية، التي كان حريصا على حضورها مهما كان الطريق طويلا، حيث سجل عداد سيارته أزيد من 107.815 كيلومترا في مُختلف أقاليم المَمْلكة، فضلا عن تواصله مع جَمْعيات مَغاربة العالم دُون كلل أو مَلل، حيث مضى في الطريق الطويل دُون أن يلتفت إلى مُحاولات المُتساقطين على طريق الحوار الوطني الذي انسحبوا في أول الطريق. صَرح غير مامَرة، أول رئيس لجهة درعة تافيلات، في لقاءاته التواصلية المُكثفة في مختلف أرجاء المغرب وخارجه، بأن بعض أصدقائه حذروه من "مُغامرة" تَنْظيم حوار وَطني حَوْل المُجتمع المدني، بعلة وُجود آلاف الجمعيات بالمغرب يصعب التعامل معها، غير أن إيمانه الراسخ بالتشارك دفعه - دون تردد - لإطلاق نداء المُشاركة في أول وأطول حوار وطني حول المجتمع المدني. من المؤمنين حتى النخاع بأن عملية الإصلاح ليست عملية اختيارية، بل هي أشبه بالعمليات الجراحية التي في حال إهمالها قد تسوء الحالة الصحية أكثر، والحل هو مُواصلة الإصلاح لإنقاذ البلاد حتى لا تغرق سفينة الوطن، الذي قام أبناؤه - يقول شوباني - بمُصالحات تاريخية آخرها دستور2011. يَعشق المطالعة، مثل مواظبته على الرياضة، ومَهْما كانت انشغالاته لابد أن يقرأ كل يوم صفحات من كتاب في السياسة أو الأدب..شوباني الذي سبق لمجلة "جون أفريك" أن وَصفته بريشة العدالة والتنمية، لغزارة الأسئلة الكتابية التي كان يوجهها إلى الحكومة حينئذ، ما يزال يعشق الكتابة يعتكف في وقت راحته من أجل تحرير مَقالة علمية، من آخرها ما كتبه، وهو وزير مقالة بعنوان "خمسون سنة من تاريخ البرلمان المغربي : نماذج من تاريخ تبادل الاعتماد بين الريع و التشريع "، منشورة بمجلة "مسالك" يُميط فيها اللثام عن أحد ملامح ضعف فعالية البرلمان المغربي خلال الخمسين سنة الماضية، من خلال تبادل الاعتماد بين الريع والتشريع مع ما يعنيه ذلك من الأثر المباشر عَلَى زَعْزَعة الاستقرار الاجتماعي والتأجيل المزمن للإصْلاح وعرقلة بناء دولة القانون والمؤسسات الخادمة للأمة والراعية لمصالحه، داعيا إلى تحرير التشريع من تحكم الريع وتسخيره لاستدامته. لأنه من أبناء المصباح الذين يستمرون في نضالهم مهما كانت مواقعهم، قدم استقالته من الحُكُومة، بعد حملة الإفك التي قادها زعماء السفاهة السياسية، ومأجوروهم من الألسنة القذرة والأفواه الواسعة التي طالت حياته الخاصة. حَظي أبو أيمن وأحمد ياسين وهند ولمياء، في حفل إطلاق حزب العدالة والتنمية لحملته الانتخابية برسم 2015، بتزكية ودعم خصه بهما الأمين العام لحزب العدالة والتنمية – العارف بحقائق وخبايا وغايات حملة الإفك وحرب ضرب المصداقية – حيث جدد الأستاذ عبد الإله ابن كيران تأكيده بأن خصوم الإصلاح ورموز الفساد ببلادنا لم يجدوا ما يواجهون به حزب المصباح غير "قصة حب وزواج".. وهي التفاتة حاز بها مهندس الحوار الوطني حول المجتمع المدني تنويها من رئيس حزبه، على إيقاع تصفيقات حارة من الحاضرين خلال حفل إطلاق حملة انتخابات جماعية وجهوية عقب دستور 2011. كما رَكب سفينة المُغامرة، وحُداء شعارات الحراك الشعبي تحفز القافلة على مواصلة مسيرته رُفقة لجنة وطنية مستقلة تضم حوالي ستين فاعلا جمعويا وممثلي القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية برئاسة مولاي إسماعيل العلوي، سيركب سفينة مُغامرة جديدة من أجل الوصول إلى شاطئ التنمية لجهة تقع بجنوب المغرب وتُعاني مجموعة كبيرة من المشاكل، سيضعها شوباني في دائرة الضوء، وسيبذل جهده لفك العزلة عليهم، وطمس الحدود بين المغرب النافع والمغرب غير النافع، متسلحا بإتقانه لفن الترافع العميق والهادئ الذي يعترف به خصومه قبل أصدقائه، ومُسلحا أيضا بخبرته المتميزة في العمل البرلماني والحكومي، وبمعرفته بسكان جهة درعة تافيلات الذين يكنون له التقدير الكبير ولهذا منحوه أصواتهم، فهو ابن المنطقة وأحد مؤسسي العمل الجمعوي والسياسي بها، حيث تم تتويجه رئيسا لجهة درعة تافيلات، ولم تجد شيئا مُحاولات العرقلة التي تابعها المواطنون باستياء كبير. الحبيب شوباني، مَهما تختلف معه يُرغمك على الاعتراف بأنه سياسي من طينة فريدة، يُؤمن بروح المبادرة والإبداع.. والمُغامرة أيضا.