مامن شك أن وزارة التربية الوطنية قد ورثت قطاعا أقل ما يمكن أن يقال عنه متأزم ومحتقن ، زاد في أزاماته وحدتها سلسلة ما سمي بالاصلاحات التي مست الشكل دون الجوهر،بالاضافة إلى تعنت المسؤولين وانفرادهم بقرارات ومخططات استعجالية لم تزد القطاع إلا انحدارا في سبورة اليونيسكو. لكن ومع تسلم الوزارة الجديدة مفاتيح القطاع وما زامن ذلك من أحداث محلية وإقليمية توسم واستبشر الناس عامة وأهل القطاع خاصة خيرا،خصوصا مع ما رافق ذلك من قرارات قيل عنها حينئذ شجاعة وجريئة لكونها أوقفت نزيف الامكانات المادية والوقت دون نتائج تذكر.لكن الدخول المدرسي الجديد أثبت العكس و لا شيء تغير، وأن الأمور لا تراوح مكانها إن لم تزد سوءا. فالدخول المدرسي سابقا الذي كان يرافقه التهليل والتطبيل للفت الانتباه إليه وغض الطرف على عيوبه،هو نفسه الاسلوب الذي انتهج حاليا من خلال اعتماد مذكرات وخلق ضجة ونقاشات حولها، في حين أن النقاش الحقيقي كان يجب أن ينصب في كيفية الخروج من هكذا وضعية،والصعود نحو المستويات العليا حيث لم تعد مراتب نتقهقر إليها وإذا كان الهاجس حقا في كل إصلاح أو تقويم هو مصلحة التلميذ، فمن باب أولى أن تنكب الوزارة على المشاكل القديمة الجديدة التي تعيق مسيرته الدراسية، والتخلص من الحلول التي بدأت ظرفية لفترات خاصة ومعينة فأضحت دائمة، وكذا إخراج المدرسة العمومية من عزلتها ومن قفص الاتهام الذي زج بها فيه ظلما. واستعادة هيبتها وبريقها لا عن طريق الشعارات ولغة الخشب وإنما بالتدابير الواقعية الكفيلة بذلك. فآفة الاكتضاض و الأقسام المشتركة مازالت كما هي إن لم تتفاقم، ونقص المنشآت والأطر أمام تزايد عدد المتمدرسين في خلل وعدم توازن دائمين،ناهيك عن مظاهر البؤس و اليتم والبداوة التي ما فتئت تكون السمة الدائمة للمدرسة العمومية.. إن متابعتنا وانتقادنا لما نحن عليه مرده إيماننا وغيرتنا على هذا القطاع وما له من أهمية في تنمية البلد وكذا تطلعنا إلى الوصول به إلى أكمل الأوجه وأسمى الدرجات، مما يجعلنا مسؤولين جميعا أمام أنفسنا وأمام التاريخ والأجيال القادمة. وبالتالي فلا غرابة أو عيب أن تكون هناك أخطاء ولكن العيب كل العيب الاستمرار في تكرارها والرضى بما نحن عليه بين الأمم، و أن نجعل أصابعنا في آذاننا حذر الانتقاد والمحاسبة.