ما يزال هناك أمل ضئيل في إنقاذ شركة "لاسامير" من الإفلاس، هذا إن قبل المساهم الرئيسي، مجموعة "كورال بتروليوم" القابضة السعودية لصاحبها محمد العمودي، ضخ أموال جديدة كافية في ميزانيتها المتهالكة، أو باختصار، القيام بإعادة هيكلة الحسابات من أجل بعث أمل في الاستمرار، لكن هذا لن يمحي عن الوجود السيناريو الأسوأ الذي ما يزال حدوثه ممكنا، والذي تلخصه كلمة "الإفلاس". شركة مساهمة عامة القيمة السوقية ل "لاسامير" تصل إلى أكثر من 1.5 مليار درهم، موزعة على حوالي 12 مليون سهم، وبالنسبة لأولئك الذين يملكون أسهم الشركة المدرجة في بورصة الدارالبيضاء منذ عام 1996، فإن العواقب ستكون وخيمة عليهم. وبحسب المحلل الاقتصادي، هشام الموساوي، "ففي المغرب، تبقى إجراءات التصفية معقدة للغاية، وتحيط بها العديد من المخاوف، فإذا كان أحدهم يستثمر في أسهم شركة أعلنت إفلاسها، سيكون من الصعب عليه أن يستعيد رأس ماله، وهو ما يوضحه تقرير "ممارسة أنشطة الأعمال" السنوي. ديون ثقيلة تعتبر "لاسامير" شركة مثقلة بالديون لفائدة البنوك سواء منها الوطنية أو الدولية، وقد ارتفع الدين العام عليها إلى عشرات المليارات من الدراهم، وبحسب ما نشرته جريدة "Médias24"، فإن المبلغ يصل إلى 42 مليار درهم، مما يؤكد بالفعل أن لائحة الديون ثقيلة، وما يزيد الطين بله هو أن "لاسامير" مدينة للموردين والدولة على حد سواء. إذا كانت الأزمة في اشتداد مستمر، فإن الدولة سوف تبدأ في إجراءات سداد مستحقات الدائنين نظريا، لكن "حينها ستبرز في الواجهة مشكلة البنية القانونية في المغرب، التي تجعل من القوانين غير المرنة أداة ضد مصلحة المستثمرين، ولا تمكن نهائيا من حمايتهم. وبخصوص الدائنين، فسيجدون صعوبة في استرجاع أموالهم، بحسب ما يوضحه خبير اقتصادي مغربي متتبع لملف "لاسامير". أما بالنسبة للبنوك، فإن إفلاس "لاسامير" سيتسبب في ارتفاع ديونها المستحقة، وهو ما يشكل بالنسبة لها خسارة كبرى، كما هو الشأن بالنسبة للدولة التي توجد في الخانة نفسها في هذا الملف، خانة الدائنين. وبالإضافة إلى ما سبق ذكره، يؤكد المحللون الاقتصاديون، أن النظام الاقتصادي الخاص بشركة "لاسامير" بأكمله سيعاني من مشاكل كثيرة، سواء أكان ذلك على مستوى الموزعين أو الوسطاء أو غيرهم، فكل الذين لديهم عقود مع الشركة سوف يعانون جراء أزمتها. العرض المحلي أصبح مهددا هناك قضية أخرى حساسة للغاية، برزت منذ بدء الحديث عن أزمة "لاسامير"، إذ بدأت السلطات العمومية تردد على مسامع المواطنين أن "جميع التدابير قد اتخذت لضمان إمدادات نفطية عادية ودائمة من السوق المحلي"، وهو ما أكده وزير الطاقة والمعادن، عبد القادر العمارة، في تصريحاته التي تلت الأزمة، لكن ما الذي سيحدث لو اختفت "لاسامير" نهائيا؟ يرى البعض أن التكرير يبقى صناعة إستراتيجية لا يمكن أبدا التخلي عنها، وهو موقف يوازي نمط تفكير حسين اليمني، الذي قال: "يجب على المغرب أن يحافظ على موقع التكرير ليؤمن احتياجاته من الطاقة، لأنه إذا اعتمد فقط على الواردات، فإن الوضع سيكون خطيرا خاصة بوجود حالة التضخم". في حين نجد محللين آخرين، يرون أن بإمكان المستوردين المغاربة أن يوفروا احتياجات السوق اللازمة دون مشاكل. رئيس تجمع النفطيين المغاربة، عادل الزيادي، أكد أنه يتم الاعتماد على المصادر المحلية بسلاسة ودون أية مشاكل في مجموع التراب الوطني، موضحا أنه يتم تنظيم سير العمل بتنسيق مع وزارة الطاقة والمعادن لضمان توريد كامل، وموردا أنه إلى الآن هناك مخزون يكفي لمدة 30 يوما، ويوفر 100٪ من العرض. من الناحية الاجتماعية، يمكن اعتبار وضعية ما يناهز 960 موظفا بالشركة على المحك، وهذه قضية حساسة جدا، كانت السبب الرئيسي في دفع السلطات المغربية لطمأنة الموظفين بعد توقف نشاط "لاسامير"، في الخامس من غشت المنصرم. وقد اتخذت السلطات العمومية التدابير الأساسية لحماية مصالح العاملين، فالدولة ستتكفل بدفع أجورهم خلال الأشهر القادمة في حال إعلان إفلاسها. ولكن القيام بذلك لن يستمر كثيرا، مما يوضح السيناريو الكارثي لما بعد الإفلاس والعواقب الوخيمة التي تليه. * الهافنغتون بوست