ما كاد الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ال16 لعيد العرش ينتهي حتى انطلقت وسائل الإعلام الجزائرية في تحليل وانتقاد مضامينه، مركزة على شقه المتعلق بتأكيد الملك محمد السادس على تشبث المملكة بوحدته الترابية.. فكانت أبرز الخرجات من جريدة "الشروق اليومي" ذهبت إلى حد وصف كلام الملك ب"تحريضي ضد الجزائر"، بالرغم من كون الجالس على العرش لم يأتي على ذكر الجار الشرقي. وقال ذات المنبر المشتهر داخليا وخارجيا بقربه من دوائر الحكم بالجزائر، خاصة الأسماء العسكرية الماسكة بزمام الأمور، إن "التصريحات المغربية العدائية ضد الجزائر مازالت متواصلة"، مضيفة أن الخطاب الملكي "يأتي هو الآخر كي يحرض على الجزائر" وفق صياغة المادة الصحفية. بالرغم من رصد "الشروق" لكون الملك محمد السادس قد تطرق لموقف المغرب من قضية الصحراء، وإبدائه للتشبثه بسيادته على الحيز الجنوبي من المملكة، وتجديده بمقترح الحكم الذاتي كحل لتسوية النزاع بالمنطقة، دون أدنى الحديث عن الجزائر، إلاّ أن عددها الجديد ذهب إلى اعتبار ملك المغرب قد "تحدث بطريقة غير مباشرة عن الجزائر ووصفها بعدو المغرب"، وذلك علما أشدد على أن "المغرب لن يسمح بالتطاول على سيادته ووحدته الترابية ونموذجه المجتمعي". "فوبيا المغرب" لم تتوقف عند التعاطي الإعلامي بعدما تبنته "الجزائر الرسمية".. ففي الحين الذي كانت الرباط تتوصل ببرقية الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، بمضمون يعبر ضمنه للملك محمد السادس عن "مشاطرته للمغاربة الفرحة بعيد العرش"، كان وزير خارجيته رمطان لعمامرة يوجه تهما للمملكة باعتبارها "واقفة وراء أحداث غرداية"، حيث تم ذلك وسط ندوة صحفية جمعت نفس المسؤول بوزير خارجية سلطنة عمان. وقال لعمامرة إن "دولة شقيقة مجاورة هي التي تقف وراء فتنة غرداية"، في إشارة صريحة منه إلى المغرب.. وهو تصريح غير مستغرب باعتبار الحكومة الجزائرية قد سبق أن أثار مسؤولوها هذا الاتهام الذي لقي تفنيدا من لدن الحكومة المغربيَّة، واعتبر ملاحظون ذات التحرك الجزائري سيرا على عادة توجيه الاتهامات للرباط عند كل أزمة داخليَّة مؤثرة على النظام القائم بالجمهورية. محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، عبق على موقف وزير الخارجية الجزائري وإعلام بلاده بقوله: "عداء حكام الجزائر للمغرب يعتبر عقيدة، ذلك أن النظام الجزائري يعمل على استغلال كل ما يمكن أن يصدر عن المغرب من مواقف وتصريحات لإنتاج سياسته الداخلية والخارجية". ووصف بنحمو الاتهامات التي وجهها لعمامرة إلى المغرب بكونها "اتهامات غوغائية وتندرج في إطار الخطاب الجزائري غير المفهوم"، مضيفا أن أحداث غرداية ليست صراعا بين العرب والأمازيغ كما يصورها البعض، وإنما هي صراع بين الأجهزة الأمنية الجزائرية ورئاسة البلد، مضيفا: "الجزائر تحاول أن تصريف المأزق الذي تعيشه بكيل الاتهامات للمغرب". وانتقد بنحمو استقبال الجزائر للجامعة الصيفية لجبهة البوليساريو، موردا أن ذات الموعد لا يمكن أن يعتبر إلاّ "ثكنة عسكرية للتحريض ضد المغرب".. ليختم ذات الباحث المغربي تصريحه لهسبريس وهو يورد: "إذا كانت جهة ما تعلن عن عداءها للمغرب وتحرض ضد أمنه؛ فهي الجزائر.. وذلك من خلال احتضان الجامعة الصيفية لجبهة البوليساريو التي تشحن الشباب للنيل من المغرب والمغاربة".