مرت أربع سنوات على المصادقة على دستور فاتح يوليوز 2011 الذي نص على أن الأمازيغية لغة رسمية للدولة، إلى جانب العربية، دون أن يخرج القانون التنظيمي المتعلق بترسيم الأمازيغية إلى حيز الوجود، مما جعل المهتمين والمتتبعين ينقسمون بين متفائل ومتخوف بشأن تنفيذ مقتضيات الدستور ذات الصلة، وكذا احترام تعهدات الحكومة في هذا المجال. عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أحمد بوكوس، وبعد أن وصف ترسيم الامازيغية ب"الحدث التاريخي" و"المبادرة الجريئة" على مستوى شمال افريقيا، لم تفته الإشارة إلى وجود "نوع من التماطل" في إصدار القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل رسمية اللغة الامازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الواردين في الفصل الخامس من الدستور، لاسيما وان الحكومة تعهدت في برنامجها لسنة 2012 بإخراجهما خلال الولاية التشريعية الحالية. ودعا بوكوس، في تصريح له، السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى الاسراع بإخراج هذين القانونين التنظيميين المهمين بالنظر إلى ارتباطهما بموضوع الهوية لاسيما في ظل وجود مقترحات ومذكرات تقدمت بها هيئات سياسية وجمعوية ومؤسسات رسمية، وهو ما يعكس، يضيف عميد المعهد، وجود تعبئة قوية في أوساط النخبة السياسية والمجتمع المدني والمثقفين لتحقيق مطلب تفعيل ترسيم الأمازيغية. من جانبه، اعتبر الحسين الملكي، محام بهيئة الرباط ، أن إعداد قانون تنظيمي جيد لتفعيل رسمية الامازيغية يقتضي اعتماد مقاربة تشاركية على غرار ما تم العمل به في وضع الدستور الأخير ومدونة الأسرة وذلك من خلال إحداث هيئة عليا تضم خبراء قانونيين وممثلي المجتمع المدني ومثقفين، تكون منفتحة على مختلف مكونات المجتمع. وأشار االملكي، الذي وضع مقترحا للقانون التنظيمي لتفعيل رسمية للأمازيغية، إلى وجود تلكؤ في فتح نقاش عمومي بخصوص تفعيل ترسيم الامازيغية الذي يعد قرارا استراتيجيا بالنسبة لمستقبل المغرب، مؤكدا في الوقت ذاته أن السنة والنصف الفاصلة عن انتهاء الولاية التشريعية تظل كافية لاعداد القانون التنظيمي لترسيم الامازيغية لا سيما إذا علمنا أن اعداد الدستور برمته تطلب أربعة أشهر من العمل بالنسبة لأعضاء اللجنة الاستشارية. من جانبه، سجل رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، حصول تأخر في إصدار القانون التنظيمي المتعلق بترسيم الامازيغية إلى جانب قوانين أخرى تحتاج، وفق نظره، إلى "نقاش مجتمعي والى توافق وطني من جميع القوى الوطنية سواء كانت سياسية أو فكرية أو اجتماعية". غير أن الوزير السابق للشؤون الخارجية والتعاون عبر، بالرغم من هذا التأخر المسجل، عن تفاؤله قائلا: "لا يزال أمامنا سنة ونصف عن الموعد الدستوري" في إشارة إلى الفصل 86 من الدستور الذي ينص على وجوب عرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان، في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية" الحالية، مبرزا أن "المجتمع المدني والفاعلين في مجال النهوض بالثقافة واللغة الامازيغيتين مدعوون، كل من موقعه، الى التعبئة لتسهيل المهمة في المرحلة المتبقية من أجل الاسراع بفتح الحوار بشأن هذا الموضوع المهم جدا" . وقالت أمينة زيوال، رئيسة جمعية صوت المرأة الأمازيغية، إن الحركة الامازيغية والفاعلين السياسيين مدعوون بعد مرور أزيد من أربع سنوات على الدستور إلى التحرك والضغط مجددا لفت الانتباه إلى موضوع تفعيل ترسيم اللغة الامازيغية التي تعد رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، معربة عن تخوفها من أن يؤدي ترك إصدار مشروع القانون التنظيمي لترسيم الامازيغية إلى غاية نهاية الولاية الحكومية إلى "إخراج مشروع قانون معيب لا يكون في مستوى تطلعات الحركة الامازيغية". من جانبه قال عبد الله بادو، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، الشهيرة بتسمية "أزطا أمازيغ"، إن خلاصة الأربع سنوات أثبتت أن لا الحكومة، ولا البرلمان، ولا المعارضة كانت عند مستوى تفعيل مقتضيات دستور 2011 في ما يتعلق بالقانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. وبخصوص التأخر الحاصل في إصدار القانون التنظيمي للأمازيغية أكد بادو أن هذا القانون "سيتم إقراره آجلا أو عاجلا" مشددا على أن الفعاليات الأمازيغية ستواصل رفع مطلبها بضرورة احترام مقتضيات الدستور في ما يتعلق بتفعيل ترسيم الأمازيغية ، "لأنه جوهر معركتها من أجل توفير الضمانات القانونية لحماية اللغة الأمازيغية والنهوض بالثقافة الأمازيغية ". وإذا كان الفاعلون السياسيون والمثقفون وهيئات المجتمع المدني والمهتمون بالشأن الأمازيغي ما فتئوا يطالبون، منذ اعتماد دستور 2011 ، بضرورة تفعيل مقتضيات القانون الأسمى للبلاد، فإن السلطتين التنفيذية والتشريعية مدعوتان الى الحرص على إخراج قانون تنظيمي لترسيم الامازيغية يكون في مستوى اللحظة والدستور والمضي قدما في هذا الورش الذي يتوخى رد الاعتبار لجزء هام من الهوية المغربية. * و.م.ع