ينظر القضاء السويسري حاليا في ملفات مسؤولين عسكريين ومدنيين سابقين كبار بالجزائر، وعلى رأسهم وزير الدفاع الأسبق، والجنرال المتقاعد، خالد نزار، في قضية تهم تعذيب نشطاء إسلاميين، يتابع فيها نزار منذ أكتوبر 2011، عندما أوقف على الأراضي السويسرية، بينما كان في رحلة علاج. المتابعة القضائية التي طالت الجنرال الجزائري المتقاعد، ومن معه من مسؤولين كبار في تلك الحقبة، جاءت بناء على شكاوى لمنظمة "ترايال"، التي تعنى بمناهضة الإفلات من العقاب، وتتبّع مجرمي الحرب، حيث طالبت القاضية السويسرية بالاستماع إلى هؤلاء المسؤلين، منهم متهمون وشهود. وإلى جانب الجنرال نزار، يتواجد في ذات الملف المعروض على القضاء السويسري، كل من الجنرال المتقاعد، عبد القادر معيزة، المشرف السابق على عمليات محاربة الإرهاب بالجزائر، وعلي هارون، وزير حقوق الإنسان الأسبق، والعقيد بلقاسم بوخاري، وأحمد جبار، مستشار الرئيس الراحل محمد بوضياف. وتأتي المتابعة القضائية ضد الجنرال الجزائري، عقب اتهامات طالته من طرف ناشطين إسلاميين يقيمان بأوروبا، أكدا أنهما تعرضا للتعذيب أيام كان خالد نزار وزيرا للدفاع بالجزائر، حيث كان بمثابة الآمر والناهي في تلك الحقبة، فيما هو يتمسك بنفي تهمة التعذيب مطلع التسعينات. وأفادت مصادر إعلامية أن القاضية في محكمة "بيرن" بسويسرا استمعت في سياق التحقيق مع خالد نزار، إلى أربعة مسؤولين جزائريين كبار، منهم هارون الذي أبلغ المدعية بأنه لم يكن على علم بأية أعمال تعذيب خلال مرحلة العشرية السوداء بالجزائر، وذلك إبان تواجد جبهة الإنقاذ الإسلامية على الساحة السياسية للبلاد. والعشرية السوداء بالجزائر ترمز إلى الصراع المسلح بين النظام الجزائري، وفصائل تتبنى أفكار "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، والإسلام السياسي، حيث انطلق الصراع في يناير 1992 بعد إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية سنة 1991، والتي حققت فيها الجبهة نصرا كاسحا، ما دفع الجيش الجزائري للتدخل وإلغاء نتيجة تلك الانتخابات. ووفق ذات المصادر، فإن القاضية السويسرية أبدت استغرابها من نفي وزير حقوق الإنسان الأسبق، علمه بوجود حالات تعذيب في تلك الحقبة الزمنية بالجزائر، باعتبار المنصب الحكومي الذي كان يشغله، والذي له ارتباط وثيق بحقوق الإنسان، وحالات الانتهاكات الجسيمة التي حدثت حينها. معلقون جزائريون انهالوا على الجنرال نزار بالتقريع والانتقاد بعد علمهم بخبر متابعته من طرف القضاء السويسري، حيث خاطبه أحدهم بالقول "أكثر من ألفي ضحية في رقبتك يا جزار، أوقفت المسار الانتخابي لحماية مصالحكم الشخصية، وقتلتم بوضياف على المباشر، وشردتم الآلاف من العائلات". وقال معلق آخر "أتمنى أن يقف نزار أمام العدالة الجزائرية ليحاكم على كل جرائمه سنوات التسعينيات، لأنه قتل آلاف الجزائريين الأبرياء"، مضيفا "أنتظر ذلك اليوم الذي يحاكم فيه كل من أجرم في حق الجزائريين، فنهب أموال الشعب، واختلاسها وتهريبها إلى الخارج جرائم لا تقل عن القتل".