لمْ يمنع مضيُّ نحو ثلاثة أعوام على دهسِ دوريَّة تابعة لخفر السواحل الإسباني قاربًا لمهاجرِين مغاربة في عرض البحر، من العودَة مجددًا في المملكة الإيبيريَّة إلى تفاصِيل الحادثَة، بالاستناد إلى رواية أحد من عايشُوا الحادثة، وشهدُوا على فصولِها المؤلمَة. صحيفة إلموندُو الإسبانيَّة ساقتْ شهادة الشاب المغربي، هشام بوتلانتْ، الذِي نجا من الحادثة، في دجنبر من 2012، وجرى طردهُ من جزر الكنارِي، بيد أن هشام أقفل راجعًا إليها في وقتٍ لاحق، وإن سقط في قبضة الحرس المدنِي الإسبانِي، واقتِيد إلى أحد مراكز الإيواء بجزيرة لانزروتِي. وتشبثَ الشاهدُ المغربي، وفق المصدر ذاته، بتحمِيل خفر السَّواحل الإسبانِي مسؤوليَّة الإغراق المتعمد للقارب الذِي كان على متنه خمسةٌ وعشرُون مهاجرُون سريًّا، لافتًا إلى أنَّ من العبث الحديث عن صدم قارب للمهاجرِين لباخرة الخفر الإسبانِي. أمَّا المهاجرُون الثلاثة الذِين توبعُوا بسبب القضيَّة، أمام القضاء، وجرى إيداعهم السجن، فينبهُ هشام إلى أنَّهم ضحايا لا مذنبُون، قائلا إنهم دفعُوا المال مثله، ليصلُوا إلى إسبانيا ويعملُوا بها، وأنَّ الأمر لا يتعلقُ بالضلوع في الاتجار بالبشر. وزاد المتحدث أنَّه يرغبُ من خلال شهادته حول حصل صونَ لذاكرة من قضوا، وبذل جهد في سبيل أن يكفَّ الحرس المدني الإسباني عما وصفه بالكذب، إضافة إلى مساعدة المعتقلِين على اعتبار أنَّ المسؤُول عن القارب كان بدوره من الضحايا الذِين لقوا مصرعهم. وأوضح هشام أنَّ الحادثة المأوساويَّة التي أودت بحياة سبعة مغاربة، وقتئذٍ، كانت محاولته الرابعة للعبُور إلى جزر الكنارِي، مؤكدًا أنَّ من يمضون في الهجرة داخل قوارب إلى أوروبا، يعلمُون أنَّهم قدْ يموتُون كما قدْ يعيشُون، لكنَّ الحياة صعبة في المغرب، بحسب قوله، وتضطرُّ إلى سلوك منحًى مماثل. وقال المتحدث بنبرة يائسة إنَّه تعب من العمل في شحن الخضر والفواكهفي بالمغرب، وبما أنَّ لديه شقيقين، يعيشُ أحدهما في فرنسا، فيما يقيمُ الآخر بجزر الكنارِي، فإنَّه يرى من المستحيل التأسيس لمستقبل في بلاده. وكان حادث لانزاروتي، في سواحل جزر الكناري الإسبانية، قد أسفر عن فقدان سبعة مهاجرين سريين، تمكنت جهود الإنقاذ من إعادة جثَّة واحدة منها فقط، في الوقت الذِي اختفى الباقُون. وهو ما كان قدْ أثار موجة من الانتقادات الحقوقيَّة تجاه السلطات الإسبانيَّة، نظير استخفافها بأرواح الضحايا.