لا يريد المسؤولون العراقيون ان يستمعوا إلى نصائح المخلصين من العرب. رد فعل وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري على تصريحات وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد مثال مكرر على ذلك. لقد شكلت الإمارات دوما قلعة حصينة للدفاع عن العروبة والإسلام بعيدا عن الصراعات الطائفية والمذهبية والدينية، ولم يكن في يوم من الأيام ضمن انشغالات القيادة العليا للإمارات زرع بذور الفتنة والشك والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. غير أن الإمارات منذ عهد مؤسسها الراحل الشيخ زايد كانت سباقة للدفاع عن وحدة وسيادة أراضي العراق لتجنيبه التدخل الأميركي. إن العالم ليذكر عندما قال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في القمة العربية قبل الاجتياح الأميركي للعراق «إن مبادرة الإمارات أقولها مع الأسف وقلبي مليء بالألم ومن المحزن أن الناس ستتذكر المبادرة بعد أن يستباح العراق وبعد دخول القوات الأميركية إلى العراق وبعد أن نرى حكماً أميركياً للعراق». وهذا ما حدث. إن تصريحات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات في الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرا في موسكو رفقة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عندما قال "إن مسألة التطرف أخذت حيزا كبيرا في حديثنا اليوم مع زميلي وزير الخارجية الروسي لأنها قد تكون مسألة فكرية وأيديولوجية لكن اليوم نرى انعكاساتها على الشعوب والدول وعلى مستقبل المنطقة ولهذا السبب فإنه من المهم أن لا يقتصر علاجنا لمواجهة التطرف على الجانب الأمني فقط بل يجب أن يتعداه ليشمل الجانب الأيديولوجي والسياسي ومواجهة التحديات المختلفة التي تواجه الشعوب سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية" وهذا واقع تعيشه دول المنطقة خصوصا سورياوالعراق. ولاشك أن ردود الفعل الظالمة وغير الموضوعية لعدد من التيارات العراقية وضمنها بعض الشخصيات الرسمية مثل وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري الذي عبر عن استغرابه من اتهامات وجهها لبلاده نظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد بالقول "إن محاصرة الإرهاب والقضاء عليه لا يمكن أن يتم دون معالجة أسباب ظهوره وانتشاره التي خلقها نظاما دمشق وبغداد بقمعهما لشعبيهما وعدم تحقيق المساواة بين مواطني البلدين دون تمييز بين عرق أو دين أو طائفة". وعبَّر وزير الخارجية الجعفري عن استغرابه الشديد "لما صدر عن وزير خارجيّة الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان من تصريحات تحمل بنظره اتهامات للحكومة العراقية مُعتبراً أنَّه كلام غير صحيح". وقال المسئول العراقي أن "النظام العراقيَّ برهن بما فيه الكفاية على أنه مُصِرٌّ على إنشاء نظام على قاعدة الديمقراطيّة ومُشارَكة واسعة لكلِّ الأطراف وليس فقط من حيث إقامة النظام بل من حيث السياسات العامّة التي طبَّقها عُمُوماً بخاصّةٍ القوات المُسلَّحة”"، فهل هذا كلام صحيح؟ أبدا إن الوقائع وتطورات الوضع الميداني والتعبئة الطائفية والحشد الشعبي تحت شعارات مذهبية وطائفية مقيتة مثل "لبيك يا حسين" لمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي تؤكد أن العراق يعيش فعلا على إيقاع أجواء التوتر والاحتقان الطائفي والمذهبي، في الوقت الذي وٌجهت اتهامات لقوات الحشد الشعبي بالتضييق وانتهاك حقوق الإنسان وممارسة العنف والتعذيب ضد أبناء الطائفة السنية. إن تصريحات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان تؤكد حرص الإمارات على بناء عراق آمن ومستقر وديمقراطي وعادل يجمع كل الطوائف والمذاهب والمكونات تحت راية المساواة والعدل بعيدا عن لغة الطائفية والصراعات المذهبية، الشيء الذي يمكن لوحده أن يكون كفيلا بدحر العناصر الإرهابية وقطع الطريق على كل الجهات التي تسعى لتخريب بلاد الرافدين وجعلها امتدادا مذهبيا وسياسيا وجغرافيا لإيران في الشرق الأوسط والخليج العربي. إن التطورات التي تشهدها المنطقة تقتضي من دول الخليج، خصوصا الإمارات والسعودية، تحمل مسئوليتهما إزاء أبناء الشعب العراقي، من خلال تعبئة المجموعة الدولية لدعم الخيار الديمقراطي السليم وتجنيب العراق ويلات الحروب والصراعات الطائفية واجتثاث كل العناصر الدخيلة والأجنبية التي تريد أن تجعل من العراق برميل بارود وحقل تجارب للحروب الأهلية والطائفية في المنطقة. إن الجهود الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والإنسانية التي تقوم بها دول مجلس التعاون الخليجي بشراكة وتعاون مع مصر والمغرب والأردن في اليمن تتطلب من هذا التحالف العربي توسيع رقعة تفاعله الإقليمي ليشمل العراقوسوريا حفاظا على الدم العربي ودعما للوحدة والانسجام وإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى لا يضيع العراق في ثنايا الحروب والصراعات ويدخل الفوضى التي لا نهاية لها.