شنت أحزاب المعارضة التونسية الممثلة في البرلمان أمس الاثنين هجوماً عنيفاً على فضائية "الجزيرة" التي تبث برامجها من قطر، واتهمتها "بالتآمر على حالة السلم المدني في تونس"، وذلك على خلفية تغطيتها لأحداث محافظة سيدي بوزيد في وسط تونس. واعتبرت حركة الديمقراطيين الإشتراكيين التي تُعتبر أبرز أحزاب المعارضة من حيث التمثيل البرلماني (16 مقعداً برلمانياً)، أن بعض وسائل الإعلام العربية استغلت الأحداث التي شهدتها ولاية سيدي بوزيد لأهداف سياسوية "بتهويل هذه الأحداث وتوجيهها بطريقة تمس من صورة تونس وتوظيفها لأغراض مشبوهة". وأشارت في بيان وزعته اليوم إلى أنها إذ "تؤكد تمسكها بحرية الإعلام والتعبير بشكل موضوعي فإنها تندد بهذه الأساليب التي تحرف الواقع وتؤجج المشاعر". ومن جهته، قال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي (9 مقاعد برلمانية)، إن التعاطي الإعلامي لقناة "الجزيرة" مع أحداث سيدي بوزيد وعديد المدن الأخرى "لم يكن تعاطياً محترفاً وملتزماً بقيم ومبادئ العمل الصحافي بل كان في جوهره تعاطياً سياسياً يدفع في اتجاه مزيد توتير الوضع من خلال أسلوب التهويل والتضخيم". وأضاف في بيان له وزعه الاثنين أن الجهات التي اعتمدت عليها قناة "الجزيرة" في تغطية الأحداث هي "جهات فاقدة للمصداقية ووظفت الحدث لأغراض سياسيوية محضة ومطية لتصفية حساباتها السياسية في محاولة منها للدفع بالأوضاع نحو التأزم الموهوم". كما انتقد الحزب اعتماد قناة "الجزيرة" في تغطيتها على ما ينشر في الشبكة الاجتماعية من أشرطة وصور "دون التمحيص والتحري والتثبت من صدقية ما ينشر ووقعت في عدة تجاوزات مهنية وخاصة بحجم المسيرات التضامنية التي تنظم وخلفيتها الصحيحة وأعطتها حجماً أكبر مما هي عليه ميدانياً". أما الحزب الاجتماعي التحرري (8 مقاعد برلمانية)، فاستنكر في بيان له، ما وصفها "بالحملة الإعلامية المشبوهة التي تقوم بها قناة الجزيرة المنطلقة من أهداف مغرضة والساعية إلى خدمة أهداف تتقاطع مع مصالح المواطن وتتعارض مع خدمة الوطن". واتهم قناة "الجزيرة" باعتماد "المغالطة والتهويل في نقل الأحداث والإبتعاد عن طرق أبواب الحقيقة متجاهلة عن قصد التعريج على ما تحقق في تونس التغيير في إشارة واضحة وصريحة إلى الأهداف المغرضة التي تنطلق منها لصياغة مؤامراتها التي بان بالكاشف استهدافها لحالة السلم المدني والإستقرار والتنمية في تونس". كما أصدر حزب الخضر للتقدم (6 مقاعد برلمانية) بياناً الاثنين استنكر فيه أسلوب "التحامل والتجني الذي توخته قناة الجزيرة في تغطيتها للأحداث الأخيرة في تونس". واعتبر أن قناة "الجزيرة" "درجت منذ بعثها على اعتماد المغالطة وقراءة تطورات الأحداث بشكل تعسفي فيه الكثير من مجانبة الموضوعية والنزاهة المهنية وأخلاقيات العمل الصحفي". واتهم حزب الخضر للتقدم التونسي قناة "الجزيرة" بتعمد "تضخيم الأحداث والتركيز على البث المتكرر طيلة أيام عديدة لصور غير موثوقة المصدر ومعتمدة التركيب الموجه لهذه الصورة لأجل وضع الأحداث خارج إطارها ولإيهام الناس بوقائع ترتكز على الإثارة". كما وصف حزب الوحدة الشعبية التونسي المعارض الأحداث في محافظة سيدي بوزيد بأنها "مؤسفة"، وحذر من خطورة ما وصفه ب"الافتراءات" التي تعمد إليها بعض وسائل الإعلام الأجنبية. واعتبر في بيان حمل توقيع أمينه العام محمد بوشيحة، أن أحداث سيدي بوزيد "تمثل دافعاً إضافياً لاستحثاث نسق التنمية، وللتأكيد على أهمية ضمان الحق في التشغيل، وعلى أولوية التنمية العادلة بين الفئات والجهات". كما حذر من "خطورة الافتراءات التي ما انفكت تعمد إليها بعض القنوات الفضائية في إطار توجهات مشبوهة ومعلومة هدفها الإساءة لتونس". واعتبر أن غاية تلك القنوات "تهويل وتزييف الوقائع، وذلك بالإستناد في تقاريرها على مصادر غير موضوعية، وتوظيف وجوه وشخصيات أفلست سياسياً وأخلاقياً، إلى جانب عدم التثبت من صحة مزاعم هذه الشخصيات". ولم يتردد في هذا السياق في ذكر اسم قناة "الجزيرة" التي تبث برامجها من قطر، وأشار إلى أن "مزاعمها باتت مكشوفة أمام الرأي العام الوطني وكل القوى الوطنية". وكانت مدينة سيدي بوزيد (265 كيلومتراً جنوبتونس العاصمة)، شهدت احتجاجات اجتماعية في أعقاب إقدام شاب على الانتحار حرقاً احتجاجاً على الأوضاع المعيشية المتردّية وتفشي البطالة. وامتدت هذه الاحتجاجات لتشمل غالبية مدن المحافظة، أي المكناسي وجلمة والمزونة، ومنزل بوزيان التي شهدت أعنف الاشتباكات وأسفرت عن سقوط قتيل وعدد من الجرحى.