تركز التقارير الوطنية و الدولية على ضرورة التعاون بين الهيآت الدستورية والسياسية والنقابية والجمعوية من أجل بلورة المشاريع التنموية لاستكمال المواطنة، و ليس هناك مشروع وطني أهم من التعليم، إنه قضية عمومية، تندرج ضمن أولويات السياسات العمومية. فما دور المجتمع المدني في إصلاح التعليم ؟ و ما مهمة السلطات العمومية والهيآت المنتخبة ؟ ألا تدخل القضايا التعليمية ضمن اختصاصاتها، من حيث البنيات و المحيط المجالي و الحفاظ على قيم المواطنة ؟ التشاركية التعليمية: إن التشاركية بين السياسي والمدني كانت وراء طرد المستعمر وتحرير البلاد، و هي وسيلة للبناء، كهم جماعي، وآلية من آليات المساهمة في التنمية، تشرك جميع المواطنين في اتخاذ القرار و الاختيارات العامة و هي مقاربة نسقية انفتاحية على جميع المستويات، تجسد ديمقراطية القرب و تعالج قضايا الأحياء والجماعات والجهات، إنها ديمقراطية تداولية. إن المواطن/ الأب من حقه التواصل مع ممثليه، كشركاء في رسم السياسات العمومية، وتقديم الملتمسات، والتواصل مع المدرسة و الجامعة، فلا تخطيط استراتيجي للتنمية المجالية دون " تشاركية تعليمية ". يؤكد الدستور على مساهمة الجمعيات في قضايا الشأن العام، بإعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، و تفعيلها وتقييمها. و يمكن تطبيق الآليات المعتمدة في " الديمقراطية التشاركية " على مجال التعليم، بخلق "مجالس الأحياء للتعليم" وتنسيق العمل بينها، و خلق "مؤسسات تشاورية" تنسق بين المجالس و بين جمعيات الآباء، وتنظم العلاقة مع السلطة التنفيذية والتشريعية والجهوية. إن أزمة التعليم ترتبط بالسياسات التدبيرية العامة، و هي نتاج لأزمة مشروع مجتمعي لما ما بعد الاستقلال، و فشل السياسات العمومية هو فشل للعلاقة القائمة بين التعليم والمواطنة في كل أبعادها الفردية والجماعية. أشار التقرير الأول للمجلس الأعلى للتعليم، إلى الاستقطاب الإيديولوجي كسبب لفشل المشروع التعليمي، وسبب ذلك يعود إلى السياسات العمومية، ففي الانتخابات الجماعية يتنافس الأحزاب على كسب ود الأعيان "الأميين في الغالب"، بثقافتهم الخاصة للتنمية والتربية البعيدة عن التنمية البشرية أو إصلاح التعليم، وهنا يغيب المشروع الإصلاحي في تصور الجماعات، و تغيب " التشاركية التعليمية ". إن "التشاركية التعليمية " تلغي منطق إلقاء المسؤولية على الدولة أو الأحزاب أو الوزارة المعنية، فكل الأطراف مسؤولة عما آلت إليه الأوضاع. و لا يمكن اعتبار النزعة التكنوقراطية، التي تعود بين الحين و الحين، حلا بديلا عن «فشل» الأحزاب ؟ فالانجازات الحالية كارثية و " كل المنبهات الحمراء قد اشتعلت" ؟ فالتكنوقراطية أخطر من الاستقطاب الايديلوجي الذي أشار إليه تقرير المجلس الأعلى؟. من هن تأتي أهمية خلق نسيج مدني للمساهمة في إصلاح التعليم. من اجل نسيج مدني للمساهمة في إصلاح التعليم: إن النسيج المدني إطار تشاركي يتكون من جمعيات و منظمات المجتمع المدني المختلفة المهام، و التي لها علاقة من قريب أو بعيد بالتعليم، تعمل على التشاور والحوار و تقدم اقتراحات ومبادرات ومرافعات أحيانا. و هو ملتقى للتحسيس والتوعية وتعبئة المواطنين و الآباء حول دورهم و مسؤوليتهم في إصلاح التعليم، و تشخيص وتحديد المشكل الحقيقي الذي يعيق هذا المشروع. كما يمكن للنسيج أن يقوم بالتكوين والتدريب و التأهيل للأفراد و المؤسسات، و خلق ثقافة المواطنة و الحكامة بالتخليق و الترشيد، و يمكنه أن يكون دليلا للكفاءات و البحث عن الطاقات. إن الدستور يخول للنسيج المدني توسيع وتطوير علاقات التشاور والتعاون والتشارك بين المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والأساتذة والأطر والطلبة والتلاميذ والمنتخبين والبرلمانيين ومسؤولي مؤسسات الخدمات العمومية ووزارة التربية والتعليم. إن الرهان هو تفعيل ما تمت دسترته و مأسسة التجربة وعقلنتها و التحسيس بالمسؤولية، و رفع الروح المعنوية و الحوافز لمشاركة جميع مكونات المجتمع المدني، ومختلف الشركاء والفاعلين في " تشاركية تعليمية" نبني بها مشروعا مجتمعيا مغربيا.