"أوروبا أخطأت عندما لم تدرس اللغة العربية في مدارسها"، بهذه العبارة اختار الصحافي الفرنسي، والمدير المساعد السابق لجريدة لوموند، ألان رولا، الاعتذار عن عدم إتقانه للغة العربية عندما حل ضيفا على مقر جريدة هسبريس، يوم السبت الماضي. زيارة أثيرت خلالها أسئلةٌ حول الإسلام في أوروبا، وأسباب لجوء دول أوروبية للمغرب من أجل تكوين أئمتها، ثم الصعود القوي لليمين المتطرف الفرنسي وتداعياته على مسلمي هذا البلد، فالرجل قضى أكثر من 20 سنة وهو يتتبع مسار اليمين المتطرف الفرنسي، وألف أكثر من ثلاث كتب حول هذا الحزب المتطرف. أوروبا و"الإسلام المغربي" زيارة رولا لمقر الجريدة تزامنت مع وصول 50 إماما فرنسا للمغرب، لتلقي تكوين على مبادئ "الإسلام المعتدل" في المغرب، وهو ما جعله يتحدث عن بواعث لجوء العديد من الدول الأوروبية، فرنسا، وبلجيكا، وهولندا، وبريطانيا إلى المغرب، من أجل تكوين أئمتها. ومن هذه الأسباب أن المغرب أصبح البلد الوحيد القادر على تقديم نموذج للإسلام المعتدل، ومساعدة أوروبا في هذا المجال"، يقول الصحفي الفرنسي، مضيفا أن "أوروبا أصبحت تتمنى أن ينتشر الإسلام المعتدل، كما يقدمه المغرب في صفوف المسلمين الأوروبيين". وأكد المتحدث أن أوروبا مقتنعة بأن المغرب هو الأكثر استقرارا في المنطقة المغاربية، فتونس مازالت تصارع للوصول بانتقالها الديمقراطي إلى بر الأمان، والوضع في الجزائر غامض، ولا أحد يدري كيف ستسير الأمور بعد بوتفليقة، وليبيا تعيش حالة من الفوضى. وتابع بأنه "لم يبق أمام أوروبا سوى المغرب لإعادة نشر قيم الإسلام المعتدل"، مبرزا أن "الدول الأوروبية ارتكبت خطأ فادحا عندما رفعت يدها عن المساجد، وأصبحت بعض الجمعيات المتطرفة تستغل هذا الأمر، لتمويل المساجد وترويج أفكار متطرفة داخلها". واعتبر الصحفي أن "استقدام أئمة من الخارج أمر خاطئ، لأنه ليست لهم معرفة بأوضاع المسلمين في فرنسا أو أوروبا"، لذلك تكوين الأئمة في المغرب يعد "الحل الأنجع"، حتى تتوفر أوروبا على أئمة متشبعين بأفكار الإسلام المعتدل، ولهم دراية بظروف الحياة في فرنسا وأوروبا. ومن بين الأخطاء التي ارتكبتها أوروبا، وفق الصحفي الفرنسي، أن القارة العجوز لم تدرس العربية في مدارسها، ولم تجعل منها لغة يمكن أن يختارها التلاميذ لدراستها"، لافتا أن "دراسة العربية في المدارس الأوروبية والفرنسية خاصة، كان بإمكانه تجنيب المجتمع الفرنسي الكثير من سوء الفهم". سوء الفهم، الذي يتحدث عنه رولا، هو الذي يقف وراء الهجوم على أسبوعية "شارلي إيبدو" الساخرة وقتل معظم صحافييها، فبالنسبة له "لم يكن يدر بخلد صحافييها أن رسومهم ستقع في أيدي أشخاص لا يعترفون بالاختلاف، لأن مجمل ما كانت تبيعه الأسبوعية الساخرة هو 3 آلاف نسخة". وأشار نفس المتحدث إلى أن العديد من الصحفيين الفرنسيين ورسامي الكاريكاتير، كانوا لا يتفقون مع رسومات شارلي إيبدو "لأن هناك مسؤولية اجتماعية خصوصا عندما تصبح الجريدة دولية، ويقرأها المسلمون في دول مسلمة، فالأكيد أن هذه الرسومات لن تعجبهم". لوبين لن تكون رئيسة فرنسا ما من استحقاقات انتخابية تعرفها فرنسا خلال الآونة الأخيرة، إلا ويحقق فيها حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف نتائج جد إيجابية، ومع كل صعود لهذا الحزب المتطرف يضع المسلمون في فرنسا يدهم على قلوبهم، باعتبار أن حزب مارين لوبين يكن لهم العداء. ألان رولا قلل من إمكانية وصول زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبين، لمنصب رئيسة فرنسا في الانتخابات الرئاسية التي ستعرفها فرنسا سنة 2017، وأكد "استحالة" ظفر اليمين المتطرف الفرنسي بالرئاسة في فرنسا. ويشرح أن حزب اليمين المتطرف لا يملك إلا 5 ملايين ناخب من بين 43 مليون ناخب فرنسي، وهو رقم لا يتيح للحزب تشكيل حكومة"، معزيا صعود اليمين المتطرف إلى عزوف عدد كبير من الفرنسيين عن التصويت، بسبب إحباطهم من ضعف أداء حكومة فرانسوا هولاند". وفي المقابل، توقع ألان رولا أن تكون رئاسة فرنسا خلال سنة 2017 من نصيب الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، "لأن حزبه حقق نتائج انتخابية إيجابية خلال الأشهر الماضية، كما أن له القدرة على التحالف مع أحزاب اليمين الأخرى لتشكيل أغلبية حكومية". وزاد نفس المتحدث بأن "الفرنسيين إذا أحسوا بأن هناك "خطرا يحدق بالجمهورية" وبإمكانية وصول اليمين المتطرف للرئاسة، فالأكيد أنهم سيذهبون للتصويت بكثافة للحؤول دون وصول لوبين وحزبها لقيادة فرنسا".