رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها القارة العجوز، لا يزال الوصول إلى أوروبا ملاذا مفضلا يلجأ إليه الكثير من المهاجرين ممن دفعتهم شراسة الحروب الأهلية، وتدهور الأوضاع الأمنية، إلى خوض مغامرة مع المجهول، عبر مخْرِ عباب البحر الأبيض المتوسط. وأفاد تقرير، صدر أمس عن المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، أنه في كل أربع ساعات يلقى مهاجر حتفه غرقا في البحر الأبيض المتوسطي، مبرزا أن أعداد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا وحدها منذ بداية هذا العام أكثر من 8500 مهاجر، بمعدل 116 مهاجر في اليوم. واعتبر التقرير ذاته أن عدد المهاجرين هذا يفوق مثله الذي سُجل في نفس الفترة من العام الماضي، ومن بينهم 2200 على الأقل من اللاجئين السوريين والفلسطينيين القادمين من سوريا، حيث إن جل هؤلاء وصلوا إلى ايطاليا قادمين من ليبيا، عبر البحر الأبيض المتوسط. ويرى مهتمون بشؤون الهجرة أن الصراع المستمر في سوريا، والأوضاع المتفجرة في العراق، إضافة إلى الفقر، وانتهاكات حقوق الإنسان في غرب إفريقيا، وإغلاق الدول الأوربية لأبوابها أمام المهاجرين غير الشرعيين، عوامل تجعل الوصول إلى أوروبا حلما لآلاف المهاجرين البؤساء . وناشد المرصد الأورومتوسطي مجلس الأمن للمسارعة في عقد اجتماع لدراسة مشكلة اللجوء، كونها تهدد الأمن والسلم العالميين، ووضع الحلول الناجعة لها، بما في ذلك العمل بشكل فعال لإنهاء الصراع الدائر في سوريا، والدفع بالجهود صوب استتباب الأمن في العراق. وطالب المصدر ذاته دول الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع إيطاليا، لإعادة إطلاق عملية "بحرنا" بجهد جماعي، ومساعدتها على تحسين ظروف طالبي اللجوء في أماكن استقبالهم، بما يضمن اتساقها مع حقوق الإنسان. ودعا التقرير عينه بلدان الاتحاد الأوروبي إلى القيام بمراجعة جادة لاتفاقية "دبلن" الخاصة بالتعامل مع اللاجئين في دول الاتحاد الأوروبي، بما يضمن "التوزيع العادل" لحمل عبء أعداد اللاجئين الكبيرة، وإعطاء الأولوية لتسهيل لم شمل الأسر". وحملت خديجة عنابي، عضو المكتب المركزي لجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريح لهسبريس، مسؤولية غرق المهاجرين إلى تقليص عمليات الإنقاذ البحري، منتقدة سياسية الاتحاد الأوربي الذي أصبح يوكل مهمة تدبير هذا الملف لدول الجنوب" وفق تعبيرها. وانتقدت عنابي المعالجة الأوربية لقضية الهجرة بغلق الحدود، مبرزة دور الحرب الأهلية الليبية في تزايد عدد المهاجرين في اتجاه أوروبا، باعتبار أن مليون لاجئ كانوا يعيشون فوق التراب الليبي في عهد معمر القذافي، مبدية تخوفها من "تحول البحر المتوسط إلى مقبرة للمهاجرين". *صحافية متدربة