كثرت التحليلات التي تحاول ملامسة طريقة تفكير مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، المعروف ب"داعش"، بين من يعتبرهم مجرد منفذين لأفكار متطرفة تنهل من قاموس الدم والهمجية، وبين من يجد أنهم لا يفعلون ذلك اعتباطا، بل لأنهم يعتقدون بكونهم يمثلون الخير الذي يصارع الشر في العالم. ويتفاجأ العالم يوما عن يوم بالطريقة الوحشية التي يستهدف بها مقاتلو تنظيم "أبي بكر البغدادي" ضحاياهم، حيث لا يتورعون في الانتقام بقسوة مفرطة، فمن الإعدام شنقا، إلى الحرق حيا، مثل ما حصل مع الطيار الأردني معاذ الكساسبة، إلى النحر جزا بالسيف، كما وقع لعدد من الأقباط المصريين في ليبيا. المحلل الأمريكي للشؤون الأمنية لدى قناة CNN، بيتر بيرغن، حاول قراءة أفكار "الدواعش" من الداخل، فأبرز بأنهم يعتقدون بصدق بأنهم يمثلون الإسلام، كما أنهم يقاتلون الجميع بما في ذلك تنظيم القاعدة، لاعتقادهم باقتراب موعد معركة "يوم القيامة" في دابق السورية. ويشرح المحلل الأمريكي بأن "استراتيجيه تنظيم داعش تقوم على معاداة العالم برمته، ولذلك قاتلت القاعدة في سوريا، ودفعت 60 دولة ضمن تحالف واحد لقتالها، وأثارت الأردن بإحراق الطيار معاذ الكساسبة، واستفزت مصر بقتل 21 قبطيا على الأراضي الليبية". ولفت المحلل إلى أن مقاتلي داعش يعتبرون أن هناك صراعا كونيا بين الخير والشر، ويؤمنون بأنهم يقفون إلى جانب الخير، وأن يوم القيامة يقترب، ولذلك فإن اسم مجلتهم "دابق" يرتبط باسم منطقة بسوريا، يعتقد أنها ستشهد معركة النهاية يوم القيامة بين الغرب والمسلمين. وشدد المتحدث على أنه لفهم طريقة عمل مقاتلي تنظيم أبي بكر البغدادي، يتعين فهم آليات تفكيرهم الخاصة"، حيث أشار إلى أنهم "يعتقدون أنهم بطور التحضير لهذه المعركة لدرجة أنهم لن يمانعوا بالتدخل الغربي البري ضدهم بسوريا، لأن ذلك سيبرهن عن صحة تنبؤاتهم." وبخصوص تسميتهم بالمتطرفين الإسلاميين، أورد بيرغن "من الخطأ عدم تسمية الأمور باسمها، والامتناع عن وصفهم بأنهم تنظيم إسلامي متطرف، فالإسلام دين كبير، وفيه تيارات متعددة مثل المسيحية، ولا يمكن ألا نعتبر التيارات المتشددة جزء من ذلك الدين، كما أنه لا يمكن اعتبار أن الصليبيين ليسوا مسيحيين، أو أن المستوطنين في إسرائيل ليسوا من اليهود." وزاد موضحا بأن "اللغة المستخدمة في وصف التنظيم بالغة الأهمية، ويمكن استخدام كلمة "إسلامي" التي تختلف كليا عن كلمة "مسلم"، بمعنى أن الأولى تحمل مدلولات سياسية، رغم أن داعش لا يشكل أكثر من 0.0001 في المائة من المسلمين، ولكن أفراده يعتقدون أنهم يمثلون الإسلام، ويستمدون أفكارهم من القرآن والنبي محمد".