تضاءل التأثير السياسي للسنة في لبنان بعد مرور عشرة أعوام على اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، في 14 فبراير 2005 وسط العاصمة بيروت، ليصب ذلك في قوة حزب الله الشيعي المتهم بأنه وراء الاغتيال. وبقيت "ثورة الأرز"، التي انتهت بانسحاب الجيش السوري من الأراضي اللبنانية في 2005، خطوة مؤقتة لكسر تأثير نظام دمشق على السياسة اللبنانية، حيث جمع سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، جميع القوى السياسية المعارضة للوجود السوري في لبنان، إلا أن حزب الله عمد إلى استقطاب الجماعات المسيحية المؤيدة لدمشق بجانبه. ومع تعزيز حزب الله لقوته بعد حربه التي دامت 34 يومًا مع إسرائيل عام 2006، ضعف تأثير الجماعات السنية التي تبحث عن قائد جديد بعد الحريري.. وقام حزب الله، الساعي للسيطرة على السياسة اللبنانية بعيد اغتيال الحريري، على اتهام إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية بالجريمة، إذ لم يتعاون مع لجنة التحقيق الدولية المشكلة من قبل الأممالمتحدة، وقال قائد التنظيم، حسن نصر الله، في رده على طلب اللجنة تسليم أربعة من أعضاء الحزب المتهمين بالاغتيال: "لن يكون بالإمكان توقيف المتهمين لا في 30 يومًا، أو 60 يومًا أو 30 أو 300 سنة، وسنقطع الأيدي التي تمتد لهؤلاء". وشهدت لبنان ما بعد مقتل الحريري جدالات حادة حول الاسم الذي سيتولى رئاسة الوزراء بعده، حيث عُين بداية عمر كرامي، المعروف بأنه معتدل، إلا أنه اضطر إلى التنحي بعد ثلاثة أشهر لصالح نجيب ميقاتي المعروف بقربة من سوريا، وذلك بسبب المظاهرات الكبيرة ضده، لكن الأخير استقال جراء الاحتجاجات الشعبية.. ليتسلم فؤاد السنيورة، القريب من نهج الحريري، رئاسة الوزراء بلبنان. وفي 2009 تسلم سعد الحريري رئاسة الوزراء بشكل مؤقت، إلا أن فترة الاستقرار هذه لم تدم طويلًا، حيث سقطت الحكومة في 2011 بسبب استقالة 11 وزيرًا من حزب الله والجماعات الداعمة له،من الحكومة التي تضم 30 عضوًا.. وبعد تركه رئاسة الحكومة غادر سعد الحريري لبنان متجهًا إلى فرنسا لأسباب أمنية متعلقة بحياته، ومن بعدها توجه إلى المملكة العربية السعودية التي عاش فيها والده 27 عامًا، حيث عاد مجددا للمنصب رجل الأعمال والسياسي السني نجيب ميقاتي، الذي ياقل إنه يحظى بدعم حزب الله لرئاسة الوزراء مجددًا بعد مغادرة الحريري. واضطر ميقاتي في 2012 إلى الإدلاء بتصريح قال فيه "أنا لست رئيس وزراء حزب الله"، وذلك جراء المظاهرات التي شارك فيها آلاف اللبنانيين في مدن طرابلسوبيروت وصيدا، وأسمتها الصحافة المحلية آنذاك "انتفاضة لبنان"، بسبب مقتل وسيم الحسن، رئيس الاستخبارات المقرب من رفيق الحريري، في تفجير استهدفه بأحد أحياء العاصمة. وبعد ذلك استقال ميقاتي من رئاسة الحكومة بسبب المظاهرات ضده وكذا للخلاف على قانون الانتخابات الجديد، إضافة إلى الضغوط التي تعرض لها بعد إقالته شريف ريفي، رئيس الاستخبارات المعروف بعدائه لحزب الله، حيث قام تمام سلام، في فبراير 2014، بتشكيل حكومة جديدة بعد مباحثات أجرائها في العاصمة السعودية الرياض مع رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان، وكذا سعد الحريري، إلا أن هذه الفترة التي أعادت تأثير الجماعات السنية لم تدم طويلًا. وأصبحت حركة "14 آذار"، بقيادة سعد الحريري، في مواجهة حزب الله لأجل اختيار رئيس جديد للجمهورية بعد إنهاء الرئيس الثاني عش،ر ميشيل سليمان، ولايته في ماي 2014.. ومع تقليل "تيار المستقبل" من احتمال فوز سمير جعجع بالرئاسة، وهو المدعوم من لدن الحركة التي قال كبيرها سعد الحريري: "خيارنا ليس جعجع فقط"، بدأ بإجراء محادثات مع حزب الله في دجنبر 2014، وبذلك يكون قد أُعطي الضوء الأخضر لانتخاب مرشح حزب الله للرئاسة ميشيل عون، إلا أن تلك الخطوة لم تكن كافية من أجل إنهاء الاضطراب في السياسة اللبنانية لعدم انتخاب أي رئيس حتى الآن خلفًا لسليمان، إذ تم تأجيل موعد الانتخابات حتى 20 يونيو 2017 بسبب الأحداث في سوريا، والمخاطر الأمنية، وبذلك يتم تمديد فترة حكومة "تمام سلامي" المؤقتة حتى ذلك التاريخ. * وكالة أنباء الأناضول