يبدو أن الأخبار السارة تتقاطر تتْرى على رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، حتى أنه أدرك ذلك ولم يُخْفه عندما صرح في مستهل المجلس الحكومي، يوم الخميس الماضي، بأنه لا بد من شكر الله على نعمه الكثيرة، مشيرا إلى "الأخبار السارة" التي تنهمر على البلاد في عهد حكومته. بنكيران وهو يتحدث عن الأخبار السارة، لاشك أنه كان حينها يفكر في كثير من المؤشرات التي دفعته لإبداء حبوره جهرا، منها الأمطار التي يبدو أنها ستحيل السنوات العجاف إلى أخرى سِمان، وانخفاض أسعار النفط التي رفعت "الحرج" عن حكومته، دون احتساب الأموال الهاربة التي عادت إلى حضن البلاد. ولعل بنكيران يُدرج من ضمن الأخبار السارة التي استبشر بها، بعد فترة عصيبة مر منها، استطلاعات رأي متوالية أشارت إلى تماسك شعبيته، ورضا الكثيرين عن أداء حكومته، ومنها استطلاع للرأي نظمته جريدة هسبريس حول تقييم قرائها لأداء الحكومة بعد 3 سنوات من تنصيبها. استطلاع الرأي الذي أجرته هسبريس أسفر عن نتائج تؤكد أنه من ضمن 56.273 مصوتا، أعرب 45.74 في المائة عن رضاهم على أداء الحكومة، حيث وسموا ما قدمته بالجيد، بينما اعتبر 25.47 في المائة أداء الحكومة "متوسطا"، فيما وجد 28.79 في المائة فقط أداءها "ضعيفا". ويبدو أن حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة الحالية، "مسرور" بنتائج الاستطلاع التي تدعمه على الأقل في الوقت الراهن، فالقيادي في حزب "المصباح"، عبد السلام بلاجي، قال لهسبريس معلقا على النتائج بأنها "تأتي متطابقة للأصداء التي نتلقاها من المواطنين". وقال بلاجي إن معظم المواطنين الذين يتصلون بنا في الحزب يعبرون عن ارتياحهم لأداء الحكومة، وهو ما يفسر النسبة التي ناهزت النصف 46 في المائة ، بينما شريحة أقل تتصل بنا لتطرح مآخذ وملاحظات على طريقة أداء الحكومة، وهي التي تمثل ربما الفئة التي اختارت "متوسط". وتابع البرلماني عن الحزب "الإسلامي" بأن هناك فئة ثالثة لا تخفي غضبها من أداء الحكومة، وهي نسبة قليلة من المغاربة، ما يفسر منطقية نتائج استطلاع الرأي الذي أنجزته هسبريس، مضيفا أن لكل الفئات الثلاثة حرية التعبير، ولا يمكن لأحد أن يمنع المشيدين أو المنتقدين من آرائهم. ولفت المتحدث إلى أن رقم المستطلَعين، والذين تجاوز عددهم 56 ألف مصوت، يعتبر رقما كبيرا يؤشر على قوة استطلاع رأي هسبريس، بخلاف استطلاعات رأي أخرى أفادت بشعبية الحكومة ورضا المصوتين عليها، لكنها لم تكن تتصف بهذا الحجم من المشاركين. وبالمقابل فإن مثل هذه الأرقام لا تروق للمعارضة، بل تعتبر أنها لا تعكس حقيقة الأشياء، ولا واقع الحال الذي يعيشه المغاربة، حتى أنها وصفت استطلاعات رأي أخرى تبرز شعبية الحكومة بأنها "مخدومة ومريبة في تمويه الرأي العام، وتضبيعه بأرقام يتسلل إليها الباطل من كل جانب". وتجد المعارضة في مثل استطلاعات الرأي هذه، والتي تؤشر على رضا قطاع معتبر من المغاربة على أداء حكومتهم، نوعا من التغليط وتصوير الحقيقة بخلافها، بالنظر إلى ما يسميه مناوئو حكومة بنكيران "جبهة اجتماعية" تعيش غليانا في العديد من الأصعدة، ليس أقلها الاكتواء بنيران الأسعار. ولعله لهذا السبب وغيره أيضا، بادرت المعارضة منذ أشهر قليلة إلى تقديم مقترح يطالب بوضع إطار قانوني يضمن مصداقية ونزاهة استطلاعات الرأي الخاصة بالاستفتاءات والانتخابات في المغرب، من خلال ضبط مختلف العناصر، والمراحل التي يتطلبها إنجاز هذه العملية، ونشر نتائجها.