كان لعشاق الفن السابع بروما، الثلاثاء الماضي موعد مع عرض الفيلم الطويل "المنسيون" للمخرج المغربي حسن بن جلون، الذي يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان السينما المتوسطية 2010. ويحاول الفيلم الذي عرض أمام جمهور غفير تسليط الضوء على إشكالية الهجرة، خاصة غير الشرعية مع كشف الظروف الاجتماعية للمهاجرين الشباب، كما يؤرخ لشريحة منسية تعيش صراعات بين الحياة والموت. ويقف الفيلم على هموم وآلام المجتمع، كما تسعى أحداثه إلى تقريب بعض الصور المجتمعية من الجمهور المغربي، حيث اختار مخرج الفيلم مدن فاس والدار البيضاء وبروكسيل لتوضيح معاناة المهاجرين وآخرين في وضعية غير قانونية يبحثون عن الحب والاستقرار، ويؤمنون بأن أوروبا هي الملاذ والحل لكافة مشاكلهم. ويسلط الفيلم الضوء على الهموم والمشاكل التي يتعرض الحالمون بأوروبا سواء من النساء والرجال "أبطال الفيلم" كالاستغلال والعنصرية والمعاملة السيئة والدعارة وغيرها، كما يوجه رسالة إلى ويرى بن جلون أن الفيلم لا يركز على قضية بعينها، بل يطرح عدة مشاكل تصادف المهاجر الذي يلهث وراء الهجرة، ويحلم بتحقيق أحلامه، وإثبات ذاته بالعمل في أوروبا، كما يتطرق لأوضاع المهاجرين، وتأثيرالثقافة الجديدة على حالتهم النفسية وصراعهم مع تمسكهم بقيمهم وعاداتهم في بلادهم الأصلية. وأشار أن أحداث الفيلم تغلب عليها النظرة السوداوية لتداعيات الهجرة، وتصيغ رسالة في قالب اجتماعي مفاداها "أن الهجرة ليست الفردوس المفقود، وأن العالم الجديد يحمل الكثير من الأخطار، لذا تراجعوا عن ركوب الأوهام". وأوضح بن جلون أن الفيلم لا يعتمد على طرح قصة حب تدور أحداثها في بلد المهجر لتوضيح الفكرة والمضمون، بل على منطقة العمل الجماعي ليسلط الضوء على المواهب والطاقات الفنية الجديدة، كما يستثمر كل الطاقات الابداعية للمواهب الفنية المعروفة والتي نالت شهرتها، حيث يشارك في أحداثه مائة فنان من بينهم مريم أجدو، وليلى لعرج، وأمال فكا، سناء بإلحاج، وفدوى طالب، ورجاء صدقي، عبد الرحيم المنياري، وأسماء الخمليشي، وأمين النتجي، وعبد الله شكيري، وجليل داوود، وعبد الملك أخميس، إضافة إلى بعض الممثلين من بلجيكا وفرنسا كاسكر بونوا وكلير هيلين كاهينماني وبول ماري وأناييس مورو. ويرى الناقد مصطفى الطالب "أن بن جلون قدم فيلم المعادلة الصعبة على مدى 105 دقيقة، حيث يطرح أحداثة بطريقة سلسلة ومؤثرة بما فيها المشاهد التي تتعرض لإستغلال المهاجرات في أعمال الدعارة، وكيف تكتشفن فخ الاستغلال الذي زج بهن، وكيف يجدن أنفسهن مضطرات للتعاطي مع الدعارة خوفا من فقدانهن حياتهن، في نفس الوقت يطرح معاناة الشباب في قالب اجتماعي درامي مؤثر، وهم يتطلعون لحياة كريمة عبر الهجرة، خاصة الهجرة غير الشرعية، فيتم استغلالهم ببشاعة في بلد أوروبي يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، كما استطاع أبطال وبطلات الفيلم أن ينقلوا بحرفية وإبداع معاناة الشباب دون السقوط في المبالغة. ويضيف أن الفيلم يحتوي على مشاهد مثيرة وجريئة لكنها مهمة لأحداث الفيلم، وأداة رئيسية ليتفاعل الشباب مع الخطر الذي قد يواجهونه في الهجرة، خاصة في استغلال المهاجرين في أعمال الدعارة، كما تعامل المخرج بصورة ذكية، إذ تم التركيز على صرخة الفتاة المغتصبة أكثر من فعل الاغتصاب، مما أعطى المشهد قوته الدلالية والرمزية. يذكر أن فيلم "المنسيون" حصد من قبل عددا من الجوائز في مهراجانات طنجة وتطوان وروتردام، كما تم عرضه في إطار المسابقة الرسمية خلال الدورة 26 لمهرجان السينما المتوسطية بالاسكندرية، الذي نظم شتنبر الماضي. ويسعى المهرجان المتوسطي، الذي يندرج هذه السنة في إطار السنة الأوروبية لمكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي، منذ إحداثه سنة 1995 إلى دعم التعاون بين البلدان المتجاورة خصوصا السينما الجيدة مع الإيمان بأن التنوع يشكل قيمة حقيقية. كما يهدف هذا المهرجان ان يكون أداة للنهوض بحقوق الإنسان، وخلق فضاء للحوار بين الثقافات والتربية والتكوين للشباب في المجالات الاجتماعية والثقافية، ومكافحة العنصرية وكراهية الأجانب. واختار المهرجان الذي بدأ فعالياته من 11 إلى 21 نونبر الجاري، خلال هذه الدورة تسليط الضوء على السينما المغربية إلى جانب السينما الفرنسية والتركية والبلجيكية.