بعْد مُضِيّ أكثر من شهر على وفاته، حضر طيْفُ رحيل وزير الدولة السابق والقيادي السابق في حزب العدالة والتنمية عبد الله بَاها على كلمة الأمين العامّ للحزب، عبد الإله بنكيران، في افتتاح أشغال الدورة العادية للمجلس الوطني، والتي اختيرَ لها اسم "دورة الفقيد عبد الله بهَا". بنكيران بَكَى بِحُرقة حينَ أتَى على نهاية كلمته وهو يُعانق رئيس المجلس الوطني سعد الدين العثماني، وذلك بعدما قال: "وفاةُ الراحل عبد الله باها هدّت كياني، وما زلتُ أتجرّع آلام الفراق"، وتابع: "الراحل لم يكنْ أفضلَ منّا دائما في كلّ شيء، ولكنْ كان واحدا منّا، وعليْنا أن نمشيَ في اتجاه تصاعدي". وبَدا رئيس الحكومة راضيّاً عنْ حصيلة عمَل حكومته خلال الثلاث سنوات الأولى من ولايَتها، وحرِصَ على التذكير في بداية كلمته بنتائج استطلاعات الرأي المُنجزة حوْل حصيلة عمل الحكومة، قائلا: "في أقلّ التقديرات يمكن أن أقول إنّ نسبة المغاربة الراضين عن عملنا تصل إلى 70 في المائة". وأبْدى بنكيران استعداد حزْبه الذي يقود التحالف الحكوميّ للمُضيّ قُدما في "عمليّة الإصلاح" خلال ما تبقّى من الولاية الحكومية، وقال في هذا الصدد "التهديدات الداخليّة والخارجيّة المُوجّهة ضدّ تجربة حزبنا، والصادرة عن مُعارضي الإصلاح، دليلٌ على أنّنا في الطريق الصحيح". وتوعّد رئيس الحُكومة بمواجهة "المتآمرين الذين لا تهمّهم سوى مصالحهم الشخصيّة، والتحكّم في المال والسلطة" بالمواجهة، قائلا "سنواجه هؤلاء، ونحنُ مستعدّون لنموت واحدا واحدا، ولن نتراجع عن دعْم الإصلاح"، وتابع "لو انتقلْنا إلى جوار ربّنا فليس ثمّة ما نندمُ عليه، لأننا لم نُراكم ثروات ولا أموالا إلا فيما أحلّ الله". ودافعَ بنكيران عن حصيلة عمل حكومته، مستنداً في ذلك على "تنقيط المؤسسات الدولية، واعتراف المؤسسات المالية الدولية بالنجاحات التي حققتها الحكومة في التحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية"، مُعتبرا أنّ الحكومة "استطاعتْ، بعد الإصلاحات التي باشرتْها، أن تُخرج المغرب من عنق الزجاجة"، وأضاف "نحن مرتاحون، وكلّ المؤشرات تؤكّد أنّنا قمنا بعمل إيجابي". وعزَا بنكيران "نجاح" حكومته إلى "فضْل الله وكَرمه"، قائلا "لا نستحيي من القول إنّ ما حقّقناه كان من كرم السماء، ومن فضل الله وكَرَمه، فالسياسة ليست براعة، بلْ توفيقا من الله"، وأَشار في هذا الصدد إلى توالي السنوات الفلاحيّة الجيّدة منذ مجيء حكومته، وهبوط أسعار النفط في السوق الدولية، وقيمة المُسترجعات المالية من الأموال المهرّبة، والتي ناهزتْ 28 مليار درهم، فيما لم تكن توقعات الحكومة تتجاوز استرداد 5 ملايير درهم. ولمْ يُفوّت بنكيران الفُرصة تمرّ دون الردّ على من وصفهم ب"أصحاب التشويشات المزعجة والمسيئة والماكرة والمُخجلة"، وأصرّ على التذكير بأنّ حزب العدالة والتنمية "كانَ اجتهادا خاصّا، نشأ بمفْرده بدون شيْخ، ولا صِلَة له مع أيّ جهة غير معروفة لا في الداخل ولا في الخارج"، في إشارة إلى أنّ الحزب بعيدٌ عن الانتماء إلى أيّ تنظيم أو جماعة إسلامية.. وأضاف: "صحيح أننا ننتمي إلى الحركة الإسلامية، لكنّ هدفنا ينحصر في العمل على إصلاح أحوال المجتمع، وليْسَ أسلمته أو التحكّم فيه وضبْطه أوْ ممارسة الديكتاتورية عليه، ونحنُ جزءٌ من المغاربة، سواء المسلمين منْهم أو غير المسلمين".