إن الدينامية الجديدة التي تعرفها منظمة الشبيبة الاشتراكية قبيل انعقاد مؤتمرها السابع، هي دينامية بحق لا مثيل لها كميا ونوعيا. وهذا ما أكدته الملتقيات الإقليمية المنظمة في جميع ربوع المملكة، والتي عرفت زخما في عدد الحضور وطرحت قضايا بالغة الأهمية في نقاشاتها الرزينة والمسؤولة. وهذه الدينامية دفعتنا لطرح السؤال التالي: ما هي المهمة والمسؤولية الملقاة على عاتق الشبيبة الاشتراكية اليوم؟ إن الحضور الكمي والنوعي للشابات والشباب في الملتقيات الإقليمية يحملنا مسؤوليات جمة ومهمات جسام، أولها الالتزام بقضايا الشباب العادلة والدفاع والترافع عنها داخل المؤسسات السياسية والمدنية والاقتصادية والثقافية للدولة، والشبيبة الاشتراكية المقبلة على إطفاء شمعتها التاسعة والثلاثين لها من الخبرة والكفاءة والزاد المعرفي ما يخولها ذلك. وقد أثبتت العقود الأربعة الماضية أن أطر الشبيبة الاشتراكية هم محاربون ومناضلون في نفس الوقت، هم من جهة محاربون في مؤسسات الدولة لبناء المجتمع الذي نطمح إليه جميعا، مجتمع النماء الاقتصادي والتوزيع العادل للثروة، مجتمع بمؤسسات قوية بقوانينها. وهو من جهة مناضل لخدمة الشعب من خلال توجيهه واستجلاء الأمور أمامه وتبيانها على حقيقتها ودفعه ليمارس حريته على أكمل وجه. إننا كشباب علينا الانخراط في انجاز المهمات الملقاة على عاتقنا بدءا من اليوم قبل الغد لتجاوز كل المشاكل التي نتخبط فيها. لأن عدم الانخراط الفعال اليوم لانجاز مهامنا يعني استمرارية مشاكلنا ومعاناتنا غدا، وإذا أردنا تجاوز مشاكلنا لابد من امتلاك الوعي بماضينا والانخراط بايجابية في حاضرنا لنعيش المستقبل الذي ننشده. إن أهم مشكلة لدينا نحن الشباب هي مشكلة المستقبل وإذا استمر الشباب في رفض حاضرنا والانزواء في زواياه المعتمة والمظلمة والحالكة سيظل المستقبل مجهولا، كمن يسافر على جمل في صحراء رملية قاحلة لا معالم فيها ولا إشارات توجه المسير. مغرب اليوم "مغرب دستور 2011" فيه فرص متاحة أمام الشباب للفعل والمبادرة والانخراط في الحاضر والعمل على تغييره لصنع المستقبل مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا، والتغيير اليوم ممكن ولا يمكن أن ينجز إلا بنا نحن التواقين إليه وهو مهمة من مهماتنا ومسؤوليتنا كشباب وهذا جلي في صفحات التاريخ البشري، فكلما تحرك الشباب بدت في الأفق أضواء التغيير وانكشفت. إن المتغيرات التي نعيشها اليوم تؤكد أن الشباب بدأ اهتمامه يتزايد و يتعاظم بأوضاعه ومشاكله، وهذا الاهتمام لابد من استثماره للخروج من هذا الوضع المأزوم، وهنا لا بد لمنظمتنا أن تعمق هذا الوعي في صفوف الشباب ليتحول إلى وعي جماعي خلاق وفعال، وإذا أصبح كذلك يمكن القول أن تغييرا حقيقيا قاب قوسين أو أدنى من التحقق. هنا لابد من الحديث عن ما يتيحه دستور 2011 للشباب من هوامش الفعل السياسي التي يجب استثمارها وتقويتها وحمايتها من أعداء التغيير الذين يحاولون حماية مصالحهم الشخصية. هذا الدستور أتاح للشباب فرص الفعل والمبادرة من خلال تنصيصه على مبدأ التشاركية وخاصة داخل أوساط الشباب فيما يتعلق بصياغة القوانين تحديدا. ومن خلال اعترافه بأدوار المجتمع المدني كقاعدة هيكلية للشباب، وتبني ثابت الاختيار الديمقراطي وتفعيل الدبلوماسية الشبابية. ويرتكز الدستور الجديد أيضا على تكوين الشباب في مختلف مجالات اندماجه النفسي والمهني، ويمكن ربط ذلك بما ذهب إليه عاهل البلاد خلال خطاب العرش الأخير حينما أشار للثروة اللامادية المتمثلة في مقدرات العنصر البشري. كيف لا والشباب يشكل %50 من الهرم الديمغرافي لبلدنا، ويزخر بكفاءات علمية وثقافية وسياسية عالية. في هذا المجال يتحدث فقهاء القانون الدستوري كثيرا عن الفصلين 33 و 170 من الدستور حيث يشير الأول إلى ضرورة توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية ومساعدته على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية بغية تكيفه مع واقعه المدرسي والاجتماعي والمهني، إضافة لمجالات الثقافة والعلوم والتكنولوجيا والفن والرياضة والترفيه، لتفتق طاقاته الإبداعية. أما الثاني فيشير إلى إحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، الذي وجب علينا الترافع لأجل تنزيله بفعالية ومصداقية عن طريق الإشراك الفعلي للشباب والمنظمات الشبابية على وجه الخصوص، والنفاذ لصلب الالتقائية. إذا تسلح الشباب بهذا الوعي الايجابي وبادر إلى الفعل ووظف ثرواته اللامادية لإنتاج الثروات المادية سيصنع المستقبل الذي يحلم به، مستقبل الرفاه والطمأنينة، وتجاوز حالة البؤس والأزمة والخوف، ومنظمة الشبيبة الاشتراكية يجب أن تحتل دورا طلائعيا في هذا التحول الدستوري والاجتماعي بأن تولي اهتمامها الأكبر لمسألة تكوين الشباب ودفعه للاهتمام أكثر بالمسألة الثقافية والتعليمية والفكرية. لأننا نؤمن بأن لا تغيير حقيقي في المجتمع والاقتصاد دون تغيير في نمط التفكيير وطبيعة الاهتمامات. إن المسألة الفكرية هي المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقنا، لأن نوعية أفكارنا هي الكفيلة بخلق استراتيجية وطنية أفقية ومندمجة و عاجلة وفعالة للشباب، لا يوجد الواقع الحزبي خارجها بل في صلبها. فلا ديمقراطية دون ثقافة ديمقراطية ولا ثقافة ديمقراطية دون تكوين الشباب وتثقيفه. ولن يكون هناك تكوين وتثقيف دون شباب مؤطر وواعي ومشارك. وملك البلاد نفسه يقول أياما قبل التصويت على دستور 2011 "أن الدستور ليس هدفا لذاته، والدستور لن يكون مجديا إذا لم تصاحبه صناعة النخب الكفيلة بتنزيله وتأويله ديمقراطيا، والمؤسسات والآليات الجديرة بتحصينه من كل زيغ عن روح وفلسفة مبتغاه الأسمى ألا وهي كرامة المواطن". -عضو المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية