بين تملص وزارة التربية الوطنية وتورط المجتمع المدني إذا كان دور المجتمع المدني محوريا في الفعل التربوي الوطني بالنسبة لكافة التلاميذ فانه فيما يتعلق بالتلاميذ ذوي الإعاقة ، يشكل الركيزة الأساسية للجهود المبذولة لحد الآن فهو من يقوم لحد الساعة بإعمال حق هؤلاء الأطفال في التربية والتعليم ، وفي دراسة بمدينة سلا تبين أن نسبة الدعم الذي تقدمه الدولة من خلال وزارة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية لتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة المنحدرين من الأسر المعوزة في إطار منحة موجهة للجمعيات لا تتجاوز مابين 0% و20%. وهو دعم غير معمم.كما بينت الدراسة أن كلفة تحمل تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة في أقسام الدمج المدرسي لا تتحمل منها الدولة إلا 23% فيما تتحمل الأسر 18% والجمعيات 59% وقدرت الدراسة الميدانية الكلفة الشهرية لتكفل تربوي كامل للطفل (ة) الواحد ب 1040 درهم منها 792 درهما شهريا تتحملها كل من الأسرة والجمعية فيما تشير التقديرات الرسمية إلى أن كلفة تمدرس الطفل (ة) الواحد في سلك التعليم الابتدائي هي 3000 درهم سنويا.1 وتجدر الإشارة إلى أن الأطفال ذوي الإعاقة السمعية (لصم ) محرومون من حقهم في الانتقال في تعليمهم إلى المستوى الإعدادي والثانوي حيث انه و مهما كانت قدراتهم المعرفية وإمكاناتهم في التحصيل يظلون حبيسي التعليم الابتدائي ، إلا أن النسيج الجمعوي المشتغل في هذا المجال أمام تنصل الدولة من مسؤوليتها، وارتياحها إلى هذه الوضعية ( الورطة) التي ارتكبها المجتمع المدني بقيامه بمهام هي في الأصل من صميم واجب وزارة التربية الوطني (وهذا خطأ استراتيجي وقع في المجتمع المدني تحت ضغط الأسر التي ترى أبنائها يكبرون ويتقدم بهم العمر وتنتظر الوزارة لتقوم بإعمال حقوقهم في التعليم ) مما يضطرها إلى المبادرة والعمل مكانها صونا لحق أبنائها وتغير وضعهم الذي لا يمكنها التفرج عليه مكتوفة الأيدي . هذا المجتمع المدني بحكم انه يواجه المواطن المحتاج إلى تمدرس ابنته أو ابنه ذو الإعاقة والذي حسب فهمه حين لا يرى إمامه إلا الجمعية وهي في نظره المسؤولة عن تربية وتعليم الأطفال في وضعية إعاقة ، فهو لا يعرف الحكومة ولا الوزارة فكلما يجده أمامه في القرب هو تلك الجمعيات التي أسسها عموما أباء وأهل سئموا انتظار الدولة لتقوم بواجبها الوطني في تعليم الأطفال ذوي الإعاقة أسوة بأقرانهم ، فيما الدعم الوحيد للجمعيات هو مبالغ مشاركة الأسر في أداء رواتب المربيات والمربين المختصين الذين لا تتوفر عليهم الوزارة لحد الساعة ودعم وزارة التضامن و المرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية (مع وعينا أنها ليست المسؤولة عن تعليم وتربية الأطفال ذوي الإعاقة بل وزارة التربية الوطنية بما أنهم اطفال مواطنون كبقية اطفال المغرب) هذا الدعم في حد ذاته لا يغطي في اغلب الحالات إلا 30 %إلى 40 % في المائة فقط من رواتب المربين المختصين( مع العلم أن هذه الرواتب لا ترقى في اغلب الأحيان حتى للحد الأدنى للأجور) من طلب الدعم الذي تقدمه الجمعيات بطلبه من وزارة التضامن لتبقى هذه الأخيرة بين سندان عدم قدرة الأسر على أداء اشتراكات تمكن من تغطية رواتب الطاقم التربوي وعجز وزارة التربية الوطنية عن توفيرهم ، كل هذه الأمور تداعياتها وعواقبها الوخيمة إنما تقع على الأطفال ذوي الإعاقة الذين يبقى اغلبهم محرومين من حقهم الأساسي في التعليم أو يتلقون تربية وتعليم صوري فقط يفتقد إلى الجودة وليس منصفا ولا ضامنا لتكافؤ الفرص لفائدتهم ، إذ من الصعب أن نطلب الجودة من مربين لا يتقاضوا جورا منصفة و في غياب الخدمات الشبه طبية الموازية والتي لحد الساعة تتصرف وزارة الصحة كأنها غير معنية بتوفيرها، فإذا كانت وزارة التربية لا تغطي تكاليف تعليم وتربية هؤلاء الأطفال من طرف الجمعيات و تعتبر نفسها قادرة على القيام بدورها فعلى الجمعيات وضع المفاتيح في أيدي نيابات التعليم والانصراف إلى أنشطتها الأخرى وهذا بعيد المنال للأسف مادام أن الوضع يشهد تدهورا حتى للمكتسبات فحتى الأقسام المدمجة على علتها ما فتئت يتراجع تعدادها أمام تزايد الأطفال المعاقين الدين بلغو سن التمدرس. إن ترك التلاميذ ذوي الإعاقة لغياهب العزلة والإقصاء ليس لائقا لا بهم كمواطنين ولا بالدولة وأظن أننا لسنا في حاجة هنا إلى التذكير بحق للأطفال دوي الإعاقة في التعليم بنفس المواصفات الممنوحة للجميع و الحق في الولوج لجميع مستويات التعليم، من الابتدائي إلى التعليم العالي، مرورا بالاستفادة من التكوين طيلة الحياة، إذ لا يجب تعريض الأطفال في وضعية إعاقة لأي شكل من التمييز المرتبط بإعاقتهم الذي يحضره الدستور المغربي ل 2011 كما يجب أن يستفيدوا من الوسائل اللازمة لضمان المساواة في الحظوظ.كما نصت الاتفاقية الدولية في المادة 24 منها غير أننا ملزمون ونحن نتناول هذا الموضوع بالتأكيد على أن التربية الدامجة والمدرسة الجامعة والحاضنة لكل أبناء الوطن خيار لا محيد عنه لبناء مجتمع أكثر شموليه ينتمي إليه الجميع بما فيهم ذو الوضع المختلف كجزء من الإنسانية. فالتربية الدامجة عمليه تحقق هدفين هامين فهي إذ تهيء الأشخاص في وضعية إعاقة ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة لكي يكونوا جزءا لا يتجزأ من المجتمع تهيء المجتمع في الوقت نفسه ليحتضنهم ويحترم حقوقهم وهي سياسة نمت وتطورت كحركة اجتماعيه في العديد من الأقطار لتقف في مواجهة ممارسات السياسات التمييزية المتبعة فيما قبل. وإن دمج منظور الإعاقة في كافة السياسات الحكومية بما فيها السياسات التربوية هي الطريقة المثلى للتعامل مع الحاجات التعليمية الخاصة لكل الأطفال في المدارس العادية فالأطفال لهم الحق في التعليم معا دون تمييز فيما بينهم بغض النظر عن أية إعاقة أو صعوبة تعليمية يعانون منها إننا نرى كما يرى اغلب المختصين أن الاستمرار في التعليم المنفرد التمييزي سيؤدي لا محالة إلى المزيد من تكريس للصور النمطية السلبية لدى ناشئة الوطن إذ كيف سيبادر أبناء المجتمع نساء ورجال الغد إلى قبول مواطنين لهم قلما رأوهم من قبل فهم لم يحتكوا بهم من قبل لم يذهبوا إلى المدرسة معا ولم يلعبوا و يتفاعلوا معا. كما إن التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة قضية من قضايا حقوق الإنسان. ما دام جميع الأطفال هم سواسية من حيث الأهمية وان استثناء إي طفل خارج النظام التربوي السائد بسبب الإعاقة أو الصعوبات التعليمية هو مس بحقوق الإنسان و تمييز ليس له مكان في المغرب الذي نسعى جميعا إلى بناءه وإرساء دعائمه مغرب جدير بمواطنيه ،يكفل تمتع الأطفال ذوي الإعاقة تمتعا كاملا بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، على قدم المساواة مع غيرهم من الأطفال. -ناشط حقوقي في مجال الإعاقة