كما توقعت مديرية الأرصاد الجوية فلقد حدثت عواصف رعدية وسقطت زخات مطرية جعلت المدينة تعوم فوق الماء وتُنافس مدينة البندقية في شهرتها وسحرها وهذا ما يعني أن المغرب سيحطم رقم العشرين مليون سائح بفضل بنيته التحتية. وفي ظل هذه الأوضاع المضطربة ارتأت الضاوية (باعتبارها رئيسة للحومة) أن تفتح خطا هاتفيا أخضرا في خدمة أبناء الحومة للاستنجاد بها في كل وقت وحين. وكان الليل قد انتصف عندما تلقت مكالمة هاتفية من جارتها ربيعة تخبرها بصوت مخنوق أنها فقدت خاتما ذهبيا وربما سقط منها في الشارع. طمأنتها الضاوية لأنها ستقوم بالواجب وستبحث عن الخاتم وتحضره بأي وسيلة ممكنة، وهذا بالفعل ما قامت به. ارتدت بعجالة بدلة الغوص والزعانف ثم وضعت النظارة وقفزت من النافذة لتغوص في أعماق المحيط...وبعد ساعات من البحث المضني أخرجت الضاوية رأسها من الماء وهي تُلوح بالخاتم وسط تصفيقات النسوة المرابطات في النوافذ. في الصباح الباكر وبينما كان بوشعيب يُحضِّر الحساء للضاوية بعد ليلة عصيبة قضتها في حل مشاكل الحومة حدث ما لم يكن في الحسبان... لقد أعلنت قنينة الغاز نفاذ صبرها!. فما كان من الضاوية سوى الذهاب سباحة للبقال من أجل اقتناء قنينة غاز جديدة لأن بوشعيب لا يجيد السباحة. قطعت الضاوية مسافة 600 متر سباحة وما إن اقتربت من محل البقالة حتى وجدت إعلانا كبيرا يقول "قنينة الغاز ب 165 درهما فقط والسلف ممنوع". أحست الضاوية بأن ضغطها ارتفع فحاولت أن تتنفس بعمق وتهدئ أعصابها...ثم واصلت السباحة في اتجاه الغابة وأحضرت معها الحطب وعادت تسبح كالفراشة... وما إن وصلت للمنزل حتى باغتها بوشعيب بخبر مفرج جدا..."الضاوية جاتك دعوة لحضور مهرجان مراكش ديال السوليما"...لم تمهل الضاوية نفسها وقتا لاستيعاب هذا الخبر المفرح بل ركضت بجنون نحو الدولاب وأخرجت منه أجمل ما تملكه من ملابس وإكسسورات. وعندما أصبحت جاهزة ركبت في زورقها الخاص وأمرت بوشعيب بالتجديف بأقصى سرعة ممكنة حتى لا يفوتها هذا الموعد الذي سيحدد مصيرها في عالم النجومية. مشت الضاوية تتبختر فوق السجاد الأحمر وعدسات المصورين القادمين من كل حدب وصوب تلتقط لها الصور وهي تلوح بيديها للجميع وتضحك ببلاهة...وما إن همت بالدخول حتى اعترض سبيلها شاب مكلف بالاستقبال وأخبرها بأن الملابس التي ترتديها محتشمة ولا تليق بهذا المهرجان العالمي، ولم يكد الشاب يكمل حديثه حتى تلقى لكمة قاضية فسقط مغشيا عليه ودخلت الضاوية ب"التكشيطة" بينما كل النجمات يرتدين فساتين كاشفة لمؤهلاتهن السينمائية. وعندما حانت لحظة تكريم عادل إمام قفزت الضاوية من مقعدها وركضت للمنصة وأدت معه رقصته السخيفة ثم التصقت بجانبه وهي تتفحصه عن قرب وكأنها ترى كائنا فضائيا...أحس عادل إمام بالارتباك وأخذ يفكر في كيفية التخلص من هذه السيدة الغريبة لكن الفرج جاء من حيث لم يحتسب. استقبلت الضاوية مكالمة هاتفية مهمة تطلب منها استدعاء فرقتها النسائية التطوعية لإنقاذ اللاعبين من الغرق في الملعب بسبب سقوط الأمطار...وهكذا طارت الضاوية ومعها نسوة الحومة في اتجاه الملعب استجابة لنداء الوطن. وفيما استعانت الضاوية في مهمتها بأكبر "كرّاطة" في العالم أحضرت بقية النسوة من منازلهن كنبات مصنوعة من الإسفنج لتجفيف أرضية الملعب. ورغم كل هذه المحاولات البدائية لحفظ ماء وجه الوطن فلقد غرق اللاعبون وغرقت الضاوية والجمهور في البركة المائية، وغرق المعلقون وعيسى حياتو وبلاتير ومشاهدي الموندياليتو في نوبة ضحك هستيرية...وغرق المغاربة في خجلهم كالعادة. لمتابعة يوميات خالتي الضاوية www.fatimazahrazaim.com