"بسبب غياب مبلغ 1400 درهم.. رفضوا معالجة صفوان، ممّا عجل بوفاته وهو لم يتجاوز من العمر بضعة أشهر" هكذا تتحدث أسرة الرضيع صفوان، الذي وافته المنية بمصحة الضمان الاجتماعي الحي الحسني، بعد إصابته بإسهال مفاجئ وارتفاع كبير في درجة الحرارة، حسب رواية الأسرة. وحكت أسرة صفوان لهسبريس تفاصيل وفاته المؤلمة، مشيرة إلى أن طاقماً طبياً كان متواجداً آنذاك بالمصحة، رفض إدخاله إلى قسم الإنعاش، كما لم يقدم له أي إسعافات، وذلك بعد مطالبته لوالد الطفل بأداء مبلغ 3 آلاف درهم، لم يكن يملك منها في ذلك الوقت سوى 1600 درهم، لم تشفع له في التوسل لإنقاذ ابنه، ليرحل صفوان بعدها بدقائق، وتُحمّل أسرته الطاقم الطبي مسؤولية وفاته. وعودة منها إلى تفاصيل الوفاة، قالت الأسرة إنّ الرضيع صفوان أصيب بإسهال مفاجئ صباح الاثنين 17 نونبر 2014، وبدأ يتجشؤ ما شربه من حليب، الأمر الذي أدى بأسرته إلى اصطحابه بشكل عاجل إلى طبيبة متخصصة بعلاج الأطفال الرضع، وذلك في حدود ال11 والنصف صباحا. بيدَ أن معاينة الطبيبة له، جعلتها تتأكد بأن حالته خطيرة للغاية، وبأن جسده أصابه قدر كبير من الجفاف، وبالتالي فأسرته ملزمة بالإسراع به إلى أقرب مستشفى، تتحدث الأسرة. وأضافت الأسرة، في تصريحات نقلها خال "صفوان"، إنها نقلته إلى مستشفى الضمان الاجتماعي بالحي الحسني، وذلك في حدود ما بعد منتصف النهار بقليل، وهناك فحصته طبيبة، أكدت هي الأخرى خطورة حالته، وبضرورة نقله السريع إلى غرفة الإنعاش بعد أن وصل الجفاف في جسده إلى درجة متقدمة. إلا أن الطبيبة اختفت بعد ذلك، دون أن يتم إسعاف صفوان. وزاد الخال أن أم صفوان توسلت للممرضات بإنقاذ طفلها، فلم يجبنها سوى بأن طبيبة أخرى ستقوم بمعاينته من جديد دون أن يحدث أي تدخل. وبعد أربعين دقيقة، أتت الطبيبة الثانية ليتم تأكيد ضرورة الإنقاذ العاجل، غير أنها طلبت من الأب، أن يؤدي مصاريف التطبيب، قبل إدخال صفوان إلى قسم الإنعاش. وأردف الخال:" ذهب والد صفوان إلى قسم الأداء، حيث طلبوا منه 3 آلاف درهم كتسبيق أو أن يوقع لهم شيكاً على بياض، فقدّم لهم 1600 درهم هي كل ما كان عنده في تلك اللحظة، وتوسّل لهم إنقاذ الرضيع وسيعمل على سداد المتبقي في وقت لاحق، كما قدم لهم كل الوثائق الإدارية التي يملكها، لكن كل ذلك لم يشفع له في نيل عطفهم". بدأت علامات الموت تظهر على الطفل صفوان، وتوسلت أمه إلى ممرض كان هناك أن ينقذه، وفعلاً أسرع هذا الأخير إلى إدخاله بسرعة إلى غرفة الإنعاش دون أن ينتظر إشارة من الطاقم الطبي، غير أن الموت كان قد تمكّن من جسد صفوان، الذي رحل بعدها بدقائق معدودة. "كانت تكفي 10 دقائق لإسعاف الطفل ولإنقاذه.. لم يكن يعاني من أي مرض وإنما من حالة إسهال لو تم التعامل معها بسرعة لما وصل إلى تلك الحال. آلمنا أن يرحل صفوان في مستشفى كان من الممكن أن يتم إنقاذه فيه لو اهتموا به حالة وصوله، وليس أن يبقى هناك حوالي ساعة من الزمن دون تدخل". وقد طالب والد الرضيع "صفوان"، من مدير مصحة الضمان الاجتماعي بالحي الحسني بالدارالبيضاء، في رسالة وجهّها إليه، بتحمل مسؤوليته الشخصية والتقصيرية لجريمة عدم تقديم المساعدة لطفل في حالة خطيرة، وبجبر الضرر الكبير لفقدان الطفل. غير أن مسؤولاً من إدارة المصحة، نفى في اتصال لهسبريس، أن يكونوا قد رفضوا استقبال الرضيع أو ربطوا ذلك بضرورة الأداء، معتبراً أن القانون المغربي يمنع عليهم رفض مريض في حالة خطر، حتى ولو كان معدماَ، ولم تتوافر له إمكانيات الأداء، ومبرزاً أن مكتب الاستقبال لم يطلب من الأب سوى تسجيل بعض المعلومات القانونية، ولم يشرط عليه الأداء قبل علاج الطفل. وأشار المسؤول أن حديث أسرة الطفل الراحل فيه الكثير من المبالغة:" هناك طبيبة واحدة هي من تشرف على الحالات المستعجلة بالمصحة، وعندما وصلت أسرة هذا الطفل، كانت الطبيبة تعالج طفلاً آخر، فهل ستتركه وستستقبل طفلاً آخر؟". وأضاف المسؤول أن الطبيبة انتقلت مباشرة بعد ذلك إلى الطفل صفوان الذي وصل إلى المصحة وهو في حالة حرجة للغاية. متحدثا:" لقد كان صفوان مريضاً منذ ثلاثة أيام، وبالتالي: "ألم يكن واجباً على أسرته أن تنقله إلى المصحة منذ اللحظات الأولى لمرضه، وليس أن تنتظر حتى ساءت حالته"؟ واستطرد المسؤول أن سمعة المصحة معروفة في الدارالبيضاء بما أنها الوحيدة التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي تقوم بمعالجة الأطفال الصغار في هذه المدينة، متحدثاً عن وجود عشرات الملفات في المصحة التي لم يتم استخلاص فواتيرها إلى حد اللحظة رغم معالجة أصحابها، ممّا يبيّن حسب قوله، أن المصحة لا يمكن أن ترفض مريضاً بسبب فقره.