كانت سحنة الشيخ الجليل المتوردة الشبعانة تنطق بالنعمة والرزق الوفير. موضوع برنامجه اليوم هو الحور العين، وما أدراك ما الحور العين؟!. ضخام العيون ورمشوهن بمنزلة جناح النسر. لم يخلقن من تراب بل من مسك وكافور وزعفران، ولو أن حوراء بزقت في بحر لجي لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها. ثم اقتربت الكامرا من وجه الشيخ وبدت ابتسامته أكثر اتساعا وأسنانه تلمعان من أثر التبييض: "لكل رجل في الجنة زوجته في الدنيا ومعها سبعون حورية ولكل حورية سبعون وصيفة...أصبح معاك كام؟. تصور لو عندك أربع نساء؟؟؟؟؟" أخذ بوشعيب هاتفه الجوال على عجل وبدأ يحسب..."الضاوية زائد سبعين حورية مضروبة في سبعين وصيفة تساوي 4901. ولي عندو ربع ديال لعيالات 4901 مضروبة في ربعة تساوي 19604. صافي نشد الطريق لداعش مافيهاش التخرشيش" وفي الغرفة المجاورة رفعت الضاوية عقيرتها بالصياح: "اش هادشي لي كنسمع ياك كنقوليك متشوفش القنوات العربية مكيجينا من طاسيلتهم غير الهم." بوشعيب: وخا لالة الضاوية هانا نطفي هاد المشقوف. أخذ بوشعيب يَذرَعُ الغرفة جيئة وذهابا وهو يفكر كيف أن "أمير المقاتلين" سيكلفه بمهمة "جهادية" ستنتهي به في الجنة محاطا بعدد لا يُعدّ ولا يحصى من الحور العين... ولكن، ماذا إذا اختبروا ذكاءه في التنظيم وعرفوا بأنه يعاني من غباء مزمن ويخاف من ظله ولا يعتمد عليه في مثل هذه العمليات التي تحتاج للدقة. وهذا سيفيده طبعا، فقد يوقع الأمير قرارا بتعيينه مرسولا لروسيا والشيشان وهكذا سينتهي به المطاف متزوجا من شقراء تنجب له أطفالا بعيون زرق ...تذكر أنه ليس بالرجل الوسيم وأن أمه كانت تخبره باستمرار أنه أقبح طفل ولد بالقرية. وهكذا لم يتبق له من حل سوى إغراء النساء بالأموال عساه يحظى بعجوز أروبية تنقذه من الضاوية وهذي البلاد الظالم أهلها. ومن أين سيأتي بالأموال وهو رجل فاشل ومجرد عالة على زوجته؟. وأخيرا وجدها، الوسادة... نعم الوسادة التي تخزِّن فيها الضاوية ماتدّخره من أموال بالعملة الصعبة... كيف سيصل للوسادة وكيف سيتمكن من مغادرة المنزل وهي في غفلة من أمرها؟. أخذ بوشعيب يضرب رأسه بيده ويقول: "خدم راسك المكلخ خدم راسك المكلخ". باغتته الضاوية وهي ترتدي زيها الرسمي كرئيسة للحومة، وتحمل حقيبتها المكتظة بالملفات الحساسة..."عندي اجتماع عاجل ملي نرجع نلقاك وجدتي شي طاجين فاعل تارك"...ابتهج بوشعيب إذ يبدو أن الحظ حليفه اليوم. وما إن أغلقت الضاوية الباب حتى هرع للوسادة الذهبية وراح يمزقها بالسكين، وأفرغها من القطن فلم يجد شبه دولار ولا أورو...وإنما هي ورقة صغيرة تحتوي على بعض الأسئلة لا غير...أخذ بوشعيب يقرأ السؤال ويجيب بعفوية: واش كتصلي؟ لا لكذوب على الله حرام، كنصلي غير فرمضان والأعياد. كتصوم؟ الله يا ودي ولكن شي مرات ملي كتشدني الدوخة كنشرب الما الله يسمح لي. كتاكل لحم الخنزير؟ أعوذ بالله واش أنا كافر واش عندك شي معاصي أخرى؟ كنقمر مرة مرة وكنكمي الحشيش وعندي عشرة ديال لي كونت فيسبوك باسم مستعار وشحال من مرة كنسرق البورطابل لصحابي وكنبيعهم با ش نخلص كريدي القهوة وكلشي هادشي بلا خبار الضاوية... لم يكد ينتهي من اعترافاته فإذا بامرأة ضخمة تقف بجانبه، بشرتها حنطية، عيناها جاحظتان، شعرها منفوش تفوح منه رائحة الثوم، وجهها شاحب تغزوه التجاعيد،...إنها باختصار الضاوية بدون مكياج...اقتربت من بوشعيب وخنقته بيديها الخشنتين وقالت: "دبا ملي عرفتي بلي بلاصتك حدا أبو لهب فجهنم غادي نوريك عيالات جهنم علاش قادات." لمتابعة يوميات خالتي الضاوية: www.facebook.com/fatimazahrablog