"نجاح باهر للإضراب الوطني العام الإنذاري"، هكذا وصفت المركزيات النقابية الثلاث إضراب 29 أكتوبر، معتبرةً أن نسبة المشاركة على الصعيد الوطني بلغت 83,7% وشملت كل القطاعات الحيوية، وأن مشاركة الطبعة العاملة وعموم المأجورين فاقت كل التوقعات، رغم "بعض الاستفزازات الإدارية ومحاولات تغليط الرأي العام الوطني والعمالي من طرف جهات حكومية" يتحدث بيان صادر عن النقابات. وأضافت المركزيات الثلاث، وهي الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفدرالية الديمقراطية للشغل، أن النتائج الأولية التي وردت على اللجنة الوطنية للإضراب تؤكد تنفيذ الطبقة العاملة للإضراب في جو من المسؤولية والحماس والوعي، مشيرةً إلى توقف عجلات الإنتاج والحركة في كل مكوّنات النسيج الاقتصادي والخدماتي، النقل بكل أصنافه، الإدارات العمومية، البنوك والمصارف، الإدارات العمومية والجماعات المحلية، وذلك في مدن الدارالبيضاء، المحمدية، برشيد، وبن سليمان. وأشار البيان الذي توصلت هسبريس بنسخة منه إلى أن المدن المذكورة عرفت كذلك توقف خدمات قطاعات الصحة، التعليم والتكوين المهني والتعليم العالي، الضمان الاجتماعي والبريد والمواصلات، الطاقة والبترول والغاز وتوزيع الكهرباء والماء، الطرامواي، النقل الحضري، كل مرافق ميناء الدارالبيضاء من شحن وتفريغ، قطر وإسعاف السفن، مخازن الحبوب، شاحنات نقل الحاويات، قطاع النسيج والجلد، قطاع البناء والحديد والصناعات الغذائية، صناعة الأدوية ومراكز النداء والمطابع والنشر، المطاحن والمخابز. وغيرها من المرافق الإنتاجية الاستراتيجية والحيوية. أما في جهة الرباطسلا وتمارة، فقد قالت النقابات إنّ العمل توقف بالإدارات، المرافق والمصالح العمومية، ومختلف الوحدات الإنتاجية والمؤسسات الاجتماعية والخدماتية. بينما كان الإضراب "شاملاً" في جهة مراكش تانسيفت الحوز، حيث أشار البيان إلى شلّ حركة القطاع السياحي والخدماتي والمرافق العمومية وشبه العمومية والوحدات الصناعية. وفيما يخصّ جهة سوس ماسة درعة، أبرزت النقابات أن الإضراب عمّ القطاع السياحي والصيد البحري ومصانع التصبير وقطاع الفلاحة والصناعة الغذائية، والأمر نفسه تكرّر تقريباً في جهة ورزازات، زاكورة وتنغير، التي أضرب فيها كذلك عمال قطاع المناجم. وتحدثت النقابات عن نجاح قوي للإضراب في جهة فاس بولمان، والجهة الشرقة التي توقفت فيها حركة الاقتصاد والإدارة والخدمات، وكذلك جهة دكالة عبدة التي شلّت فيها حركة العمل في مجموعة من القطاعات منها الصناعات الكيماوية والصيد البحري والمؤسسات العمومية الاجتماعية والخدماتية. كما تكرّر النجاح نفسه، حسب البيان، بجهة الحسيمةتازةتاونات، ومناطق الشمال المغربي، وجهة الشاوية ورديغة، وجهة تادلة أزيلال. وأشارت النقابات إلى أنها قرّرت عدم إقحام بعض المؤسسات والوحدات الإنتاجية والصناعية ذات الطابع الاستراتيجي في الإضراب، والاكتفاء بحثّ أطرها النقابية وعمالها ومستخدميها على حمل الشارة كتعبير عن التضامن مع المضربين، وذلك "حرصاً منها على المصلحة العليا للبلاد". لهذا دعت اللجنة الوطنية للإضراب، يقول البيان، إلى العمل على ضمان تقديم الخدمات الأساسية الدنيا وخدمات السلامة. وفي تصريحات لهسبريس، قال عبد القادر الزاير، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إنّ "بلوغ الإضراب هذه النسبة يعتبر مؤشراً خطيراً على فشل الحكومة في إيجاد حلول لمشاكل الطبقة الشغيلة"، مستدركاً أن النقابات لا تهمها النسب، بقدر ما تهمها الرسالة التي يجب التقاطها من طرف الحكومة، وهي ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار مع المسؤولين النقابيين والأخذ بآرائهم. وكردٍ له على ما قيل بكون الإضراب لم يؤثر بشكل كبير على الحياة العامة، أجاب الزاير أنه يمكن لأي مواطن أن يتجه إلى قطاعات حساسة كالموانئ والمدارس والمستشفيات كي يقف بنفسه على حجم الاستجابة، مستطرداً بأن من يريد الفشل للإضراب، يساهم في التغطية على المشاكل الاجتماعية الكبيرة التي يعاني منها الشعب المغربي. وأضاف الزاير أن السلطة الأمنية تعاملت بشكل ناضج مع هذا الإضراب، وباستثناء بعض المناوشات الصغيرة، لم يتم تسجيل أي تضييق أو قمع لحرية المواطنين في مباشرة الإضراب، مشيراً إلى أن هذا "التعامل الناضج" هو الذي جنّب البلاد سيناريو إضراب 1981 الذي شهد أحداثا دامية. ملفتاً إلى أن النقابات ستنتظر ردة فعل الحكومة، وإذا لم يحصل أي تغيير، فستجتمع النقابات من جديد كي تتخذ القرار المناسب.