بعد موجة من ردود الفعل الصادرة عن عدد من الهيئات الأمازيغية، والرافضة لطرح سؤال حول استعمال حرف تيفيناغ، الواردة في الاستمارة المتضمِّنة للأسئلة التي ستُطرح على المواطنين خلال الاحصاء العامّ للسكان والسكنى، المزمع انطلاقه يوم فاتح شتنبر القادم، تراجعت المندوبية السامية للتخطيط عن سؤالها المثير للجدل، ووجّهت مذكّرة إلى الباحثين تحثّهم فيها على إلغاء طرحه. الوثيقة، التي يتداولها عدد من النشطاء الأمازيغ على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تحمل توقيع مدير الاحصاء بالنيابة، والموجّهة إلى المديرين الجهويين، حملتْ تعليمات تقنيةً تحثّهم المذكّرة على إيصالها إلى جميع المشاركين في الإحصاء العامّ للسكان والسكنى، وتتعلق أساسا بالسؤال المتعلق باللغات المقروءة والمكتوبة الواردة في استمارة الإحصاء، في صيغتها الأولى. وجاء في المُذكرة، "يجب الاكتفاء بطرح السؤال حول اللغات المَقروءة والمكتوبة على الشخص المستجوَب دون التفاصيل في الحرف الذي يكتب به هذه اللغة التي يصرح أنّه يقرؤها ويكتبها، ولذا فإنّ الإشارة إلى حرف "تيفيناغ" الواردة بين قوسين بالاستمارة قد أصبح غير ذي موضوع ولا يجب أخذه بعين الاعتبار وإنما الاقتصار على ما يُصرّح به الشخص فيما يخصّ معرفته للقراءة والكتابة باللغة الأمازيغية". وتعليقا على قرار حذف السؤال عن حرف "تيفيناغ" من استمارة أسئلة الاحصاء العامّ للسكان والسكنى، اعتبر الناشط الأمازيغي أحمد عصيد، قرار المندوبية السامية للتخطيط "إجراءَ إيجابيا"، وأضاف عصيد في اتصال مع هسبريس "هذا معناه أنّ المندوبية أدركت أنّ موقفنا الرافض لصيغة طرح السؤال حول الأمازيغية كان وجيها، لأنّ حرف تفيناغ لم يدرّس بالشكل المطلوب، وتعميم اللغة الأمازيغية لم يتم بالشكل الذي وعدت به الوزارة". وكانت الهيئات الأمازيغية الرافضة لصيغة إدراج سؤالٍ حول "تيفيناغ" في استمارة الإحصاء، قد أبدتْ تخوّفها من أن يتمّ استغلال نتائج الإحصاء "من طرف جهات معادية للأمازيغية"، وقال أحمد عصيد في هذا الصدد، "إجراء المندوبية السامية للتخطيط سيجنّبنا ما كنا نخشاه من توظيف جهات معينة لنتائج الإحصاء". وشدّد عصيد على أنّ إلغاء السؤال عن الحرف الذي تَقرأ أو تُكتب به الأمازيغية "يعبّر عن حسن نية المندوبية"، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أنّ المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي، اتصل به، وعبّر له في مكالمة هاتفية مطوّلة، عقب نشر بيان للمرصد الأمازيغي للحقوق والحريات بهذا الشأن، عن أنّ المندوبية مستقلّة في عملها، ولا تخضع لإملاءات أي جهة، وأنّ سؤال حرف تيفيناغ كان عفويا. من ناحية أخرى، عابَ عصيد على المندوبية السامية للتخطيط، اقتصارها على كتابة اللغة الأمازيغية بالحرف العربي في الملصقات التحسيسية بالإحصاء العام للسكان والسكنى، وعدم كتابتها بحرف "تيفيناغ"، قائلا "هذا مشكل آخر، وهذا أمرٌ غير مفهوم". وفيما تعذّر أخذ رأي المندوبية السامية للتخطيط، حول إلغاء سؤال "تيفيناغ"، لوجود هاتف المسؤول عن الإحصاء خارج التغطية، أفادت إحدى الباحثات المشاركات في الإحصاء أن جميع الباحثين تلقّوا أوامر بعدم طرح سؤال "تيفيناغ" والاكتفاء فقط بسؤال المواطنين عن اللغات المقروءة أو المكتوبة، دون الخوض في الحرف الذي يقرؤون أو يكتبون به.