لوحة تشكيلية نادرة تلك التي رسمتها أجساد حشود من النساء والرجال والأطفال وهم يرتدون زي أعراسهم التقليدية العتيقة وسط أهازيج أمازيغية تعيد إلى التراث المحلي مكانته الأصيلة. وفي واحدة من المناسبات القليلة التي تعيد رسم الذاكرة بكل تفاصيلها الصغيرة، نظم ملتقى جمعيات منطقة بومالن دادس الكبرى، الواقعة بالجنوب الشرقي للمغرب، كرنفال ''تيملسا'' (كلمة أمازيغية تعني الأزياء التقليدية) لإعادة الاعتبار إلى زي العرائس والمناسبات الاحتفالية التقليدية بالمنطقة. محمد قشا مدير الكرنفال قال في تصريح ل ''هنا صوتك'' '' إن المبادرة تأتي للتعريف بالمؤهلات السياحية والثقافية لمنطقة بومالن دادس الكبرى وثمينا للزي الأمازيغي، خاصة وأنه، يضيف قشّا ''يكتنز تكثيفا للتاريخ والثقافة باعتباره عنصر من عناصر حفظ الهوية والذاكرة''. جموع كثيرة تابعت كرنفال الزي التقليدي الذي خلق حركة غير اعتيادية لمدة أربع ساعات متواصلة بواحة دادس الهادئة، شدّت انتباه عشرات السياح الأجانب ومئات سكّان الواحة الذي حجوا بكثافة لمتابعة التظاهرة على طول الشارع الرئيسي لواحة بومالن دادس المحتضن للتظاهرة. وعكست حوالي اثني عشر فرقة قادمة من مناطق قريبة من الواحة، في كرنفال الزي التقليدي مختلف تجليات التراث اللامادي للمنطقة في مسيرة ثقافية حملت "شعار تثمين الزي المحلي'' . وفي ذات الصدد اعتبر الباحث في الأنثروبولوجيا إبراهيم عيناني والمهتم بالمحافظة على التراث الأمازيغي لمنطقة دادس، في ندوة نظمت في إطار الكرنفال، أن زي ”تيسليت” (العروس) وما يرافقه من طقوس في ''أحيدوس'' أو حفل الزواج الأمازيغي يجد بعض تمظهراته في بعض طقوس الموت عند الفراعنة بمصر، وما هو إلا إعادة تجسيد للتفكير الجنائزي عند الفراعنة، وجل أزياء أمازيغ دادس يقول الباحث، تأثرت بثقافة الزي اليهودي خاصة تلك التي تحمل اللون الأصفر. زهور إحدى المشاركات في الكرنفال، والقادمة من مدينة الورود قلعة مكّونة الغير بعيدة عن المنطقة، قالت بلهجتها الأمازيغية ل"هنا صوتك'' ''إن الشعور بالانتماء إلى هذه المنطقة لا يكتمل إلا بتثمين الزي الزي التقليدي الذي يحمل لون التاريخ والذاكرة والطبيعة، إنه جزء مني''. وتقول عائشة مشاركة من منطقة ''تيملي'' إن مشاركتها مساهمة للتعريف بدور المرأة في الحفاظ على التراث والتاريخ". مولاي الحسن العيساوي أحد اعضاء لجنة تنظيم الكرنفال صرح ل "هنا صوتك" '' أن المنظمين كانوا متخوفين من عدم مشاركة الفرق العارضة نظرا للطابع المحافظ للمنطقة إلا أنه تمت تعبئة نحو 200 مشارك ومشاركة من مناطق عديدة. لم يكن الطاعنون في السن والشاب وسكّان دادس وحدهم من يرتدون الزي التقليدي في الكرنفال، بل بعض السياح الأجانب أيضا، وفي هذا الصدد يقول أحد الحاضرين الأجانب، والذي حل بالمنطقة منذ بضعة أيام قادما من إنجلترا، في تصريح ل ''هنا صوتك" ''إني في هذه اللحظة أشاهد لوحة فنية واقعية رائعة، لم يسبق لي مشاهدتها قط، وأنا جد متأثر بهذه الألوان والأزياء التقليدية والتي اكتشفت فيها غنا وتنوعا ثقافيا قل نظيره''. *ينشر بالاتفاق مع موقع هنا صوتك