إنْ كانت فرنسا قدْ دأبتْ في فترةٍ من الفتراتٍ على بعثِ سجناء ذوي مراس صعبة إلى المغرب، كيْ يخضعُوا لتأهيل يثوبُون بعدهُ إلى رشدهم، فإنَّ سويسرَا تفكرُ مليًّا في نقل بعض السجناء المغاربة إلى بلادهم، كيْ تخفض تكلفة إيواء النزلاء جد المرتفعة عندهَا، وتعالج اكتظاظا، صارتْ معه ثمانية أماكن فقطْ متأتية لكلِّ عشرة ألف نسمة. ولأنَّ بناء سجون جديدة في سويسرا جدُّ مكلف، بالإضافة إلى الاعتمادات المخصصة لإدارتها من تأمين الغذاء وشروط النظافة للنزلاء، زيادة على دفع رواتب للقائمين عليها، يقترحُ العضو في الحزب الليبرالي الراديكالي، بيير مودِي، البعث بالسجناء إلى بلدانهم الأم كيْ يقضُوا بها عقوباتهم الحبسيَّة، ومن بين الوجهات التي يمكن شملها بالقرار، المغرب وكوسوفو. منابر إعلاميَّة في سويسرا، ذكرت أنَّ المستشار السويسري السابق، بيير كولير، من المدافعين عن الفكرة، وأنه يرى ربحًا من وراء تحويل المؤسسات السجنية إلى الخارج، على اعتبار أنَّ تكلفة بناء السجون وتوظيف أطرها في سويسرا أعلى بكثيرٍ، مما هي عليه في دول أخرى، من بينها فرنسا. رؤية كولير القاضية بنقل السجون إلى الخارج، تلقى إعجابَ القيادي في الحزب الديمقراطي المسيحي، شارل جويار، الذي يقترحُ نقل السجناء الرومان مثلًا إلى سجون بألمانيا، قائلًا إنَّ الطريق لا يزالُ طويلًا أمام العمليَّة، على اعتبار أنَّ العملية تستدعي إبرام اتفاقيات تسمحُ بالتحويل، مما يكون معه من الأجدَى التحويل نحو سجون سبق بناؤها، قبل المرور إلى بناء أخرى جديدة. في غضون ذلك، تشكُو سويسرا ارتفاع تكلفة إيواء النزلاء، حيثُ إنَّ اليوم الواحد من السجن الاحتياطي يكلفها 390 فرنكًا سويسريًّا، في حين لا يتجاوزُ 98 أورو بالنسبة إلى فرنسا، إضافة إلى وجود خصاصٍ في الأماكن يصلُ إلَى 720، الأمر الذي تفكرُ معه سويسرا في الاستعانة بسجون الجنوب الألماني التي توجدُ بها أماكن شاغرة. ويرى المسؤولون في سويسرا، أن بناء سجون جديدة بالبلد مكلف جدا، حيث أن بناء سجن أو إضافة 70 مساحة جديدة تكلف حوالي 50 مليون دولار، في وقت باتت السجون الحالية توفر 8 أماكن لكل 10 آلاف نسمة فقط. واستقر رأي المسؤولين، في البلد الفدرالي الذي يضم 16 ولاية، على بلد المغرب، إلى جانب كوسوفو، ك"خيار أمثل" لحل أزمة الاكتظاظ داخل السجون السويسرية، حيث من المنتظر بعد المصادقة على القرار النهائي، الدخول في مشاورات مع الجانب المغربي حول إجراءات الترحيل إلى السجون المغربية. بيير مودي، مستشار الدولة والمسؤول عن الأمن في جنيف، والذي سبق له زيارة المغرب في يونيو الماضي، اقترح، بصفته مكلفا بالمشروع الذي سيحد من أزمة الاكتظاظ في السجون، ترحيل السجون الأجانب إلى بلدانهم، بتكلفة أقل، عوض بناء مؤسسات جديدة، تُكلف ميزانية الدولة الكثير. وكان مودي، قد التقى مسؤولين مغاربة الشهر الماضي، بغرض التوصل إلى اتفاق يدعو المغرب إلى قبول طلبات عودة طالبي اللجوء الذين رفضوا من الطرف السويسري، وهي الخطوة التي أثارت ضجة سياسية في البلد الأوروبي، على اعتبار أن بيير مودي، غير مؤهل لمهمة التشاور مع الطرف المغربي، وأنه "مجرد مسؤول في ولاية جنيف". وكان سياسيون بلجيكيون قد أثاروا جدلا كبيرا في شتنبر الماضي، بعد تصريحات نطق بها عمدة مدينة أونفير، بارت دي فيبر، اقترح خلالها ترحيل السجناء المغاربة ببلجيكا إلى بلدهم الأم عبر بناء مؤسسة سجنية خاصة، في إطار اتفاق ثنائي بين البلدين سبق توقيعه قبل سنوات.