تدعو لوحات الفنان التشكيلي المغربي عبد العزيز الغراز , كل متأمل لها, و كل عاشق للفن التشكيلي في شقه التجريدي , إلى السفر إلى عالمها المليء بالرموز والإشارات . لوحاته فضاءات تتحدث فيه الحروف الأبجدية لغة تشكيلية حبلى بالإيحاءات الرمزية التجريدية . ففيها تلتقط أبصارنا حركية ديناميكية ينتقل عبرها الحرف العربي واللاتيني والأمازيغي من طابعه المادي المحسوس ذو الحمولة المعيارية اللغوية إلى طابع يرتقي به , هذا الفنان الشاب , عبر الخطوط والأشكال الهندسية المتداخلة , و عبر اللون و الإيقاع , إلى ذروة فنية تنشد , في آن معا , التأصيل و الكونية . الفنان عبد العزيز الغراز من طينة أولئك الفنانين المغاربة الذين أعادوا للخط حمولته الإيحائية والاستعارية بتجريده من وظيفته اللغوية التواصلية وشحنه بإيحاءات رمزية –تشكيلية. فلوحا ته تعبير صريح على أن الفن التشكيلي لغة عالمية تتخطى كل حدود جغرافية وثقافية و إثنية . إذ بلمسات فنية دقيقة وسريعة يحول هذا الفنان الفذ الحروف والأشكال الهندسية إلى عالم تشكيلي منفتح على تيمات تشغل المفكرين المعاصرين،فمن خلال مزاوجته بين حروف تنتمي إلى ثقافات وحضارات مختلفة يدعونا إلى التواصل والوحدة الإنسانية ونبذ العنف. يعتبرالجسد كحمولة ثقافية وفلسفية من المواضيع التي ألهمت الفنان عبد العزيز الغراز . فلمساته الفنية نراها تحول أجسادا نسائية إلى خطوط و أشكال راقصة تتمايل نشوة وحرية , تمايل الأغصان عند هبوب نسمات الربيع. فالفن التجريدي ،حسب هذا الفنان ، هو تعبير عن خلجات داخلية عميقة تحرك الوجدان و الإحساس , و ليس مجرد استنساخا لنماذج فنية أو واقعية . فلوحاته تدعو كل متلق , يتمتع بحس و ذوق راق , إلى اقتناص كل لا مرئي يتخفى وراء الأشكال و الرموز . يعتمد الفنان عبد العزيز الغراز في بناء لوحاته , على الألوان الساخنة المستمدة من بيئة الجنوب المغربي التي ترعرع فيها ،حيث يهيمن على لوحاته اللون البرتقالي والأحمر والأصفر أما اللون الأسود فيظهر في أ غلب لوحاته بشكل خافت . لم يهتم هذا الفنان المبدع بالتجريد فقط، بل اهتم بألوان فنية أخرى, كالكاريكاتير و حيث قدم لوحات ساخرة نشرتها له عدة جرائد وطنية. كما اهتم بفن البورتريه , حيث منشغلا بتتبع الملامح و اقتناص لحظات الزمن الهاربة التي تترك آثارها على الوجوه و السحنات من خلال رسم بورتريات شخصيات مرموقة و نافذة . وقد أحرز في مارس ( آذار ) من هذه السنة على الجائزة الأولى والثانية تباعا ضمن صنف صور المشاهير ،في المسابقة التي نظمتها جريدة "لوبنيون" المغربية L'opinion بشراكة مع "لونوبل تريتور" حول موضوع " الفن والبيئة " لدى رسمه لبورتريه كل من الفنانة المسرحية ثريا جبران وزيرة الثقافة سابقا و الممثل المغربي الفنان محمد مفتاح . .و بملتقى" ورشات الاكورا" بمرسيليا الفرنسية نال الجائزة الأولى في مسابقة فنية نظمتها سنف 2009 . كما أقام معرضا جماعيا برواقها إلى جانب مشاركته في معارض , نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر عرضه للوحاته بمسرح محمد الخامس بالرباط و كذلك بقاعة باب الرواح المشهورة وبعدة فضاءات ثقافية وسياحية بمدينة أكاد ير . و قد شارك الفنان عبد العزيز الغراز في عدة تداريب وطنية و دولية أبرزها تدريب أقيم بفرنسا سنة 2000 لصالح شباب العالم حول موضوع "الرسم المعاصر". بدأ عبد العزيز الغراز , كغيره من الفنانين المغاربة مساره الفني بمحاكاة أعمال فنانين تشكيليين مرموقين قبل أن يتخرج من المركز التربوي الجهوي بمراكش أستاذا للفنون التشكيلية ليحلق بعد ذلك في سماء الإبداع و الابتكار و يرسم مجده الفني بخطى كلها ثقة و ثباتا . [email protected]