من يحم المسلمين من استبداد العلمانيين في فرنسا ؟ من يحم المسلمين والإسلاميين من استبداد العلمانيين في تونس ؟ من يحم العلمانيين من استبداد الإسلاميين المحافظين في إيران ؟ هكذا تقمع الدولة باسم العلمانية وتصادر الحريات كما هو الحال في قمع الإسلاميين باسم الدين فلا حل إلا الديمقراطية التي تقبل الإختلاف وتضمن حقوق الإنسان وتحفظ الحريات فلا الإسلاميون لهم تمثيل كل فئات الشعب ولا العلمانيون أيضا ! إن المعركة هي ضد الإستبداد والديمقراطيون وحدهم من حقهم خوضها والإنتصار فيها بغض النظر عن معتقداتهم مسلمين كانوا أو حتى ملاحدة أو بوذيين أما تقسيم الفاعلين السياسيين إلى إسلاميين و علمانيين لا معنى له في ظل الديمقراطية فكلا الفريقين لا يؤمن استبداده ! كثيرا ما ينادي بعض العلمانيين المفرنسين – أكثر من الفرنسيين أنفسهم!- في بلادنا بالشعار المبتذل والمتجاوز للعلمانية وهو " فصل الدين عن الدولة" ، هذا المفهوم الذي زرعه المثقفون الفرنسيون – والعلمانية أنتجتها الثقافة الفرنسية - في تربتنا ليتولى المخلصون لهم من الأتباع ممن شكلهم بين ظهرانينا سقيه وإرواءه. إن العلمانية كانت نتاج صراع تاريخي بين الكنيسة الكاثوليكية التي تبارك الإقطاع وبين دولة ثائرة، ثم تولى التلاميذ أولئك إسقاط المفهوم في بيئة مختلفة بلا مراعاة لجذوره ليطالبوا بفصل الإسلام عن السياسة وهو ما لا معنى له خصوصا وأن الإسلام كان دائما عبر التاريخ ولا يزال الدافع لبعض المسلمين في رفض الظلم والإستبداد ومن ناحية أخرى لم يميز أولئك طبيعة الصراع الذي خرجت العلمانية من فلق نواه فهو صراع بين دولة وكنيسة أي بين مؤسستين مهيكلتين! ونحن اليوم في المغرب وغيره نشاهد شيئا مختلفا تماما ، ثم من غير المعقول ولا المفهوم أن ينادي علمانيون في المغرب ب"فصل الدين عن الدولة" ثم يتجهون نحو التوقح على الله والإفتئات وتشكيك الناس في عقيدتهم وإثارة الشبهات بشأنها ولو كانوا صادقين لنادوا بتخليص الدين من قبضة الحاكم الذي يستغله لتبرير سلطاته المطلقة ! فالمسألة إذن تتضح في أن هؤلاء العلمانيين لهم نظرة إستئصالية لخصومهم "الإسلاميين" لذا ما انفكوا يتوسلون في خطابهم بمصطلح آخر مستورد وهو "الإسلام السياسي" وهو مصطلح لا معنى له إلا الرغبة في إقصاء الإسلاميين من السياسة لذا ترى الفرنكفونيين يصرون عليه إقصاء لخصم سياسي له شعبية كبيرة وهذا ضد أبجديات الديمقراطية ومبدئها في قبول الإختلاف ، فإذن خطاب الفصل المبتذل ذاك يخفي وراءه الرغبة في إقصاء خصم سياسي متمثل في "الإسلاميين" وهم بذلك يتماهون مع رغبة الأنظمة الحاكمة في ذلك لأن رجال السلطة لا يخشون على تسلطهم من شيء خشيتهم من المد الإسلامي وهو ظاهر في الفجور السياسي و في القمع والتقرب من أعداء هذا المد وفي الإستفزاز والمحاصرة للإسلاميين باسم الدين أحيانا وباسم العلمانية نفسها كما في تونس بل وفي قمع المسلمين كما يتبين في فرنسا وسابقا في تركيا التي تخشى على علمانيتها وهنا تتضح فكرة تسويغ استبداد الدولة بالعلمانية ! ونذكر هنا أن العلمانية ، نتاج الثقافة الفرنسية ، لم تتبناها أي من الدول الأوربية بما فيها القريبة من فرنسا بل أخذ بها مثقفون عرب سيما المثقفون المفرنسين الذين ينشرون الفرنكفونية بالوكالة ! أما غيرهم فآثروا الديمقراطية عليها لأنها تحتوي الإختلاف. وطبعا تعامل المثقفون المفرنسين بإسقاط غير ذي معنى مع المفهوم فهم يدركون أنه كان نتاج صراع ضد الإستبداد لذا ما لبثوا يتهمون خصومهم السياسيين أي الإسلاميين بأنهم يسعون لإعادة الإستبداد ! عن أي استبداد يتحدثون وهم في ظل الإستبداد ؟ صحيح أن هناك استبدادا باسم الدين يمارسه هذا الحاكم أو ذاك ممن يضفي غطاء دينيا على ممارسته "المطلقة" ولكن الإسلاميين كانوا أوائل من يرفض هذا الإستبداد وفيهم من يؤمن بالديمقراطية وبالإختلاف والتعددية أي فيهم إسلاميون ديمقراطيون ! نعم الديمقراطية هي المشترك بين الإسلاميين والعلمانيين فكما أنه يحق للعلمانيين أن يكونوا ديمقراطيين كذلك يحق للإسلاميين أن يكونوا إسلاميين ديمقراطيين، والديمقراطية لا تعني إقصاء الدينيين من السياسة بل على العكس تدعو إلى التعددية السياسية ولنا في تاريخ المسيحيين الديمقراطيين في إيطاليا مثال واضح، فالديمقراطية لها مبدأ الإختلاف ! أليس من حق المسلمين أن يكون لهم ممثلون كما من حق الملاحدة واللادينين ؟ تقول الديمقراطية نعم بإمكان أي حزب ديني الوصول إلى السلطة مادام قد توفر على الشروط و سلك القواعد واتبع الإجراءات. وإذا قبل الإسلاميون بالديمقراطية وبالقانون الوضعي ومساواة الناس أمامه جميعا أصبحوا إسلاميين علمانيين . [email protected] http://elmeskaouy.maktoobblog.com face book: hafid elmeskaouy