الحلقة الثالثة: كان البوجادي في الدقائق الأولى من اللقاء الأول له مع عروسه قلقا، مضطربا، مرتبكا وحشْمانًا ولم يستطعْ الحديث كما يحلو له. لكنه عندما رأى أن البوجادية كانت عكسه "واخْدة" راحتها في الكلام، وقالت كل ما لديها دون استحياء، تشجّع هو الآخر وشرع في " خوْيانْ المْزيويدَة والكرّانْ " بما لديه قائلا: أنه فكر مرارا في الزواج قبل أن تختارها له والدته، وأنه لأجل ذلك ولأنه خجول "وتيتْزنّك مْعَ البناتْ"، لم يجرؤ قط على ربط علاقة مع أيّ فتاة تبتدأ كما كانت العادة بنظرة فابتسامة فسلام فكلام فلقاء فحب، أو حتى كما اصبحت العادة بيبْ، فبيبّاجْ، فمكالمة، فلقاء، فنْعاسْ..... أويلي هو مْربّي وَوَلدْ مَامَاه ْولم يفعل قط هذا. لذا قرر فيما مضى الإكتفاء بوضع إعلانات على الأنترنيت في مواقع التعارف والزواج بحثا عن نصفه الثاني، وكان يقول في كل الإعلانات أنه " شاب مغربي، أبيض البشرة، طويل القامة رقم حذائه 41 ، خجول ولطيف يقدس الحياة الزوجية ولديه سيارة مرسيديس قوّتها الجبائية (13 عَوْدْ ) ، إيسانْسْ، موديلْ 2008 لونها أسود، كْليماتيزي وتتوفر على "دُوبلْ إيرْ باكْ"، يريدُ أن يرتبط بفتاة لديها سيارة من نفس النوع، الرجاء إرسال صورة السيارة". لم تفهم البوجادية شيئا من كلامه، وتمنت لو بقي صامتا أحسن لأنه أخذ يحكي لها عن ما لمْ ترغب في سماعه، ومع ذلك ولأنها طيبة ورقيقة القلب ولطيفة خشيتْ أن تُحرجه فصارت تبتسم وهو يتكلم وقالت له في النهاية : عوضَ أن تطلب من الفتيات أن يرسلن لك صورَهُنّ كنت تطلب صور سياراتهن، لماذا؟؟؟؟؟ ردّ البوجادي ببرودة كيفْ كيفْ، واستمر في الكلام قائلا: أنه أُعجب بها بالرغم من أنها ليست لديها سيارة لا مثل التي لديه ولا مثل أي نوع آخر. وأضاف لها مؤكدا وهو ما أسعدها كثيرا، أنه لن يتزوجها من باب الواجب فقط كما أرادتْ والدته وصديقتها التّي عرّفتهم على بعض ، وإنما سيرتبط بها لأنه أحس منذ النظرة الأولى أنهما سيُكوّنان "كُوبلْ مكيضُورْشْ"، ووعدها بالأفراح والليالي الملاح، وأكل البَعْويدْ والتفاح مساءَ صباحْ، ولبسْ الماركاتْ السّينْييه، ونسيان أيّامْ الزّلطة والكرْفي وكل الجراحْ. تفجّرتْ في دواخل البوجادية بعد هذا الكلام ينابيع الثقة والحنانْ، وأطلقت مجددا لأحلامها العنانْ وأصبحت مشغولة بكتلها وحممها المتدفقة نحوها، وأخذت تسبح من جديد وتبني كالعادة وتعَلي وتشدو أجمل الأغاني وأعذب الألحان قائلة: أجمل إحساس في الكونْ إنّك تعشقْ بجنونْ ودي حا لي معاكْ..... "لإليسا" ولم تنسى البوجادية أن تأكد له خلال هذا اللقاء، وفي إطار" خَوْيانْ المْزيويدَاتْ" المتبادل أن صديقتها التي قدّمتها لوالدته أولّ مرّة قالت لها عنه أنه غبي ورجل ضعيف الشخصية ومغلوب على أمره "وولدْ ماماه"، مُضيفة أنهّا ردّت عليها يومها قائلة أنها رغم ذلك "بَاغاهْ" وأنها سعيدة بغبائه، وأنها أحبته "لله في لله" من أوّلْ نظرة هي الأخرى، وأنها لم تفكر في أن تُحبّه لأن عماراتهم عالية وسيّاراتهم غالية وعيشتهم هانية. تأثر البوجادي كثيرا من كلامها، ولم يُخفي شعوره ناحيتها ولا دموعه التي ترقرقت لوحدها من شدة التأثر والفرح. أمسكت البوجادية بعد ذلك يديه برقة وحمدت الله وشكرته لأنه أهداها زوجا حنونا "قلبو هْشيشْ" وبه قدر كبير من الشاعرية والإنسانية. (يتبع.....). للتواصل مع الكاتبة [email protected]