يستمر الحوار الوطني الموسع حول دور ومستقبل وسائل الإعلام في المجتمع المغربي، الذي دعت إليه الفرق البرلمانية التابعة لأحزاب الأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وبدعم من حزب التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار. وكانت الفرق البرلمانية صاحبة المبادرة قد صاغت أرضية أولية أوضحت فيها أن الهدف الأسمى من هذا الحوار يتمثل في تمكين مختلف مكونات المجتمع وأصحاب القرار والفاعلين في الحياة العامة من التباحث والتشاور بشكل عميق ومتأني مع أصحاب القرار ومهنيي هذا الحقل المعروف بكونه محوريا في الحياة الديمقراطية التي يسعى الجميع بما فيهم وسائل الإعلام إلى تنظيمها وترسيخها. ومند فاتح مارس الماضي نظمت التنسيقية العامة لهيئة الحوار الوطني حول "الإعلام والمجتمع" تسعة أيام دراسية و22 جلسة حوارية مؤسساتية بمقر مجلس المستشارين منها تلك التي جرت يومي 7 و29 أبريل الماضي حول مؤسسات الإعلام العمومي ( وكالة المغرب العربي للأنباء، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وشركة صورياد). وسعيا منها لاستمرارية النقاش والتحاور أعلنت المنسقية أنها ستنظم يوم الثلاثاء المقبل (15 يونيو) يوما دراسيا (العاشر من نوعه ) مع ممثلي المهنيين بمؤسسات الإعلام العمومي سيتمحور حول مبادئ ومحتوى وحكامة الإعلام العمومي. وستستمع الهيئة، خلال هذا اليوم الدراسي، إلى آراء ممثلي المهنيين بشأن مضمون إنتاج المؤسسات العمومية الإعلامية (وكالة المغرب العربي للأنباء، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وشركة صورياد)، بما في ذلك محتوى الأخبار والبرامج السياسية والثقافية والتربوية والترفيهية. وتقترح الهيئة التركيز، على الخصوص، على مهام الإعلام العمومي وحكامة هذا القطب خاصة طريقة تدبيره للموارد البشرية والمادية وجودة المحتوى في علاقة بتطلعات الجمهور باعتباره مساهما في تمويل هذا القطب ومبرر وجوده. لكن أليس من حقنا أن نتساءل ونعرف من يمول الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع ؟ ومن المستفيد الأول من هذه المبادرة ؟ مصادر شاركت في الحوار فضلت عدم الكشف عن هويتها أكدت أن هذه المبادرة التي جاءت بمبادرة من بعض الفرق البرلمانية تتم في مقر مجلس المستشارين الذي يتولى حزب الأصالة والمعاصرة تدبير شؤونه سياسيا وإداريا. وحسب ذات المصادر فإن المجلس هو الذي يتكلف حاليا من ميزانيته الخاصة بتغطية جميع نفقات ومصاريف أنشطة الهيئة المشرفة على الحوار التي يترأسها الخبير الدولي في مجال الإعلام والتواصل السيد جمال الدين الناجي. ويضيف المصدر أن الميزانية المتوقعة لإنجاح الحوار قد تصل إلى ثلاثة ملايين درهم تعهدت الوزارة الأولى بتحويلها إلى ميزانية المجلس، وهو ما دفع ببعض المراقبين والمتتبعين إلى التساؤل حول سلامة هذه العملية من الناحية القانونية التي دخلت مرحلتها الثانية. وعلم من نفس المصدر أن مجلس المستشارين وزع إكراميات وتعويضات جزافية على بعض موظفي مجلس المستشارين مقابل "الخدمات" التي يؤذونها للهيئة، وقد وصلت مقاديرها إلى أكثر من عشرة ألاف درهم للفرد الواحد. يذكر أن نتائج الحوار ستبقى دون فائدة إذا لم يتم تفريغها في شكل مشاريع أو مقترحات قوانين لتعزيز المنظومة القانونية لبلادنا ذات الصلة بالرسالة الإعلامية، خاصة إذا علمنا أن بعض الفرق البرلمانية لا تحذوها إرادة سياسية حقيقية للنهوض بالعمل الصحفي وأخرى تسهر على إنجاح المبادرة للاستفادة من نتائجها وربما استغلالها سياسيا في المستقبل.