أودعت السلطات السودانية أمس الأحد ، الزعيم الإسلامي المعارض حسن الترابي السجن، وذلك غداة اندلاع قتال عنيف بين الجيش السوداني ومتمردي حركة العدل والمساواة في إقليم دارفور، خلف عشرات القتلى والجرحى وأعاد شبح الحرب ليخيم مجددا على الإقليم المضطرب. ورغم أن السلطات الحكومية لم تعلق على الأمر، إلا أن مصادر سودانية لم تستبعد ان تكون لاعتقال الترابي علاقة بالتطورات الميدانية الاخيرة في دارفور التي يقول مسؤولون في حكومة البشير إنها تمثل الذراع العسكرية لحزب الترابي المؤتمر الشعبي. وقال مسؤول سوداني، رفض الكشف عن هويته، إن توقيف الترابي يأتي في سياق محاولة للضغط على حركة "العدل والمساواة"، والتي يُنظر إليها باعتبارها الجناح العسكري لحزب المؤتمر الشعبي. وتعتبر الحركة التي يتزعمها خليل إبراهيم الوزير السابق للأمن في حكومة البشير، ثاني أهم فصيل متمرد، ويعتقد أنها أصبحت ذات نفوذ كبير مستفيدة من الحضور القوي للمعارضة في الخرطوم. وقالت الأنباء إن الأمن السوداني اعتقل أمين عام حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي في منزله في ساعة مبكرة من فجر الأحد، بعد شهر على أول انتخابات تعددية في البلاد منذ 24 عاما حسبما أعلن سكرتيره الخاص عوض بابكر. وقال بابكر "إن قوة من جهاز الأمن والمخابرات حضرت في ثلاث سيارات مدججة بالسلاح وأخذت الدكتور حسن الترابي لجهة غير معلومة". وقال أعضاء في حزب المؤتمر الشعبي المعارض إنهم ينتظرون تفسيرا لاعتقال زعيمهم، وأبدوا قلقهم على صحة الزعيم الإسلامي البالغ من العمر 78 عاما. وأدان عبد الله دينق نيال، الذي كان مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة، اعتقال الترابي مضيفا أن ذلك "يوضح أن السودان لا يسير نحو تحول ديمقراطي وحمل الحكومة مسؤولية أي تدهور في صحته". من جهة أخرى أعلن الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض كمال عمر في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية أن سلطات الأمن السودانية صادرت الأحد صحيفة "رأي الشعب" اليومية التابعة للحزب. وقال عمر "بعد أن اعتقلت سلطات الأمن أمين عام الحزب ذهبت للمطبعة وصادرت كل النسخ المطبوعة ومن بعد أرسلت قوة لمقر الصحيفة في وسط الخرطوم وطردت الصحافيين منه واحتلته". ووصل التصعيد بين المؤتمر الشعبي والحزب الحاكم أوجه حين اتهم الزعيم الترابي الحكومة، إثر فرز الأصوات، بتزوير الانتخابات مهددا برفع الأمر للقضاء. وأضاف الترابي يومها أن حزبه قرر "اعتزال" ما سيترتب على هذه الانتخابات من نيابة ومؤسسات، وحتى "لو أفلت واحد منا، لن ندخل أصلا "البرلمان"، أو مجالس الولايات". وتأتي حادثة الاعتقال على خلفية التطورات الميدانية الاخيرة في دارفور حيث ارسلت الحكومة السودانية المزيد من التعزيزات العسكرية إلى هناك بعد الاشتباكات. وكان الجيش السوداني قد أعلن أنه سيطر على جبل مون قرب الحدود مع تشاد في غرب دارفور وقتل 108 عناصر من الحركة واعتقل 61 آخرين. لكن الحركة نفت ما ذكره الجيش، وقالت إنها انسحبت من منطقة جبل مون طواعية قبل أيام كي لا يتعرض السكان المحليون لقصف من القوات الحكومية، مشيرة إلى أن طريق المفاوضات مع الحكومة السودانية بات بعيدا جدا، وقالت إن العمليات العسكرية السودانية تثبت أن الحكومة السودانية اختارت العودة إلى الحرب.