يسير الاقتصاد المغربي نحو التعافي من تداعيات الأزمة المالية العالمية، إذ بدأت مؤشرات التحسن تطفو على سطح النشاط الاقتصادي. وعزت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب هذا التحسن إلى الارتداد الإيجابي لبعض القطاعات التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية، مضيفة أن النشاط المعدني واصل توجهه نحو الارتفاع، خلال الفصل الرابع من 2009، إذ ارتفعت قيمته المضافة بنحو 24.4 %، كما ارتفع نشاط البناء والأشغال العمومية بنسبة (زائد 1.5 %)، وكذا الخدمات. في المقابل، أوضحت المندوبية أن التعافي يسير "بوتيرة بطيئة" على مستوى القطاع الصناعي، إذ لا تزال أنشطته دون المستويات المسجلة ما قبل 2008. وذكرت أن وتيرة نمو الطلب على المنتجات المصنعة عرفت تراجعًا بالمقارنة مع السنة الماضية، ما أدى إلى انخفاض المبيعات المحلية من السيارات الجديدة بنسبة 7.8 % نهاية مارس الماضي، وتراجعًا بنسبة 7.9 % لواردات مواد الاستهلاك، نهاية فبراير الماضي، على أساس التغير السنوي. وأشارت إلى أن وتيرة الانتعاش ستظل بطيئة بداية السنة الجارية، بالنظر إلى ضعف دينامية الاستثمار الخاص بالبناء، بفعل الفيضانات التي عرفتها المملكة بداية هذه السنة، ما أدى إلى تراجع مبيعات الأسمنت بنسبة 2.1 %، نهاية مارس/آذار الماضي، في الوقت الذي عرف فيه نمو القروض العقارية انكماشًا إلى حوالى 12.9 %، خلال الشهرين الأولين من سنة 2009، مقابل 24.9 % في النصف الأول من سنة 2009. ولا يزال الاستثمار الصناعي، على الرغم من ارتفاعه مقارنة بالسنة الماضية، أقل من معدله على مدى السنوات الخمس الماضية، بالنظر إلى توقعات نمو أنشطة القطاع التي لا تزال متواضعة. ووفقًا للمندوبية، فإن تحسن النشاط الاقتصادي الوطني أتى في سياق عالمي يتميز بتحسن النمو الاقتصادي، وارتفاع قطاع التجارة بنسبة 5.2 % خلال الفصل الرابع من سنة 2009. ويوضح المحلل الاقتصادي علي رشيدي أن "الاقتصاد المغربي استفاد من الانتعاش المسجل في القطاع الفلاحي، الذي ينتظر أن يحقق نتائج جداً مهمة، على الرغم من قيمة المضافة الفلاحية التي أظهرت انخفاضًا محسوسًا خلال الفصل الأول من السنة الجارية". وذكر المحلل الاقتصادي المغربي، ل "إيلاف"، أن "المملكة تراهن على زيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والدعم الحكومي لشراء المنازل والعائلات الفقيرة، في محاولة للحفاظ على نمو اقتصادي سنوي يبلغ في المتوسط 5 % حتى العام 2012". وأشار إلى أن "الحكومة تمكنت من التخفيف من تداعيات الأزمة المالية على قطاع النسيج، والسيارات، وأنشطة صناعات الطيران، والإلكترونيات"، مضيفًا أن "الإجراءات المعتمدة قادت إلى زيادة أرباح عدد من الشركات الكبرى، حتى في عز الأزمة المالية". يشار إلى أن سوق العمل شهد، بين الفصل الأول من سنة 2009، والفترة نفسها من سنة 2010، إستحداث 68 ألف فرصة عمل، نتيجة خلق 61 ألف منصب في المدن، و7 آلاف منصب في القرى. وبلغ معدل البطالة، على المستوى الوطني، 10 %، خلال الفصل الأول من سنة 2010، موزعة على حوالى 15 % في الوسط الحضري، و5 % في الوسط القروي، مقابل 9.6 %، خلال الفصل نفسه من سنة 2009.