فِي خضمِّ النقاش الذِي دار حولَ حريَّة الصحافة وإشكالاتها بالمغرب، في مناظرة "هسبريس" وهنا صوتك"، اليوم السبت بالرباط، رأى مديرُ نشر "أخبار اليوم المغربية"، توفيق بوعشرين، إنَّ ما يتوجبُ التساؤلُ إزاءهُ اليوم، هُو ما إذا كان المغربُ بلدًا ديمقراطيًّا أمْ غير ديمقراطِي، فيما لا يتجاوزُ المتفائلون الحديث عن وضعيَّة انتقالٍ وتحولٍ ديمقراطِي. الصحافيُّ المغربيُّ قالَ إنَّ الحكومة تأخرت في إخراج النصوص القانونية ذات الصلَة بالمجال، موضحًا أنَّ الإشكال لا يكمنُ في العقوبات ولا حتى في السالبة منها للحريات، وإنما في استقلال القضاء، لأن لهُ هامشًا يمكنهُ من التكييف والأقلمة، والدخول في محاكمات لا علاقة لها بالنشر. وساقَ بوعشرين الذي يدير أيضا الموقع الإلكتروني "اليوم 24"، مثالًا عن الإكراهات الماثلة أمام الجسم الصحفي بالمغرب؛ من قانون الوصول إلى المعلومة، الذِي طوقَ من مدخل الأمن العام والحياة الخاصة، متسائلًا عن صواب إغلاق المجلس الوزاري كما الحكومي أمام الصحافة، ووضع 18 قيد مخالف للدستور. "حرية الصحافة ليست قضية حكومة، كيْ لا نسيرَ وراء خطاب يجعلنا نقوم بمعارضة الحكومة لفائدة الحكم، لأنَّ هناك جوانب أخرى محددة كالبيئة الاقتصاديَّة، حيثُ صار الإشهار سلاحًا حقيقيًّا في مقابل مقاولات إعلاميَّة هشَّة، حتَّى أنَّ المستشهر صار أعلى صوت في قاعات التحرير. والأنكَى من "تحكم المستشهر" حسب بوعشرين؛ هُو أنَّ ثمَّة من يخلقُون جرائد ومواقع لا هدف لها سوى محاربة الصحافيِّين، "لمْ تعد الدولة تهاجمُ الصحافيِّين، لأنَّ هناك من عُهِد إليه بتلك المسئوليَّة"، يورد مديرُ نشر "أخبار اليوم المغربية". وفي المسافة الشائكة بين القضاء والصحافة، يقول بوعشرين إنَّ في النص القانوني بالمغرب مشاكل كثيرة، "حين يذهبُ الصحافيُّ إلى القضاء، يجدُ النص ضدهُ ولا يعطيهِ حتى الحق في الدفاع عن نفسه..حتى المتهم في قضايا متصلة بالسرقة والقتل يجدُ من الوقت ما يكفيه، فيما يجدُ الصحافيُّ نفسه مجبرًا على تقديم قرائنه فيما لا يتعدَّى 15 يومًا. بوعشرِين أضافَ أنَّ إشكال النص في عموميته، أمَّا العائق الثاني فهُو في عقليَّة القضاة، لأنهُ حينما تعرضُ عليه قضيَّة قادمة من النيابة العامَّة يضعهَا في إطار معين منذ البداية ويتعامل على أساسها. "القاضِي حين يجدُ الوزير طرفًا في القضيَّة غالبًا ما يسيرُ نحو الإدانة، في حين أنَّ الأصل هو البراءة، ولوْ أنَّ القضاء كانَ مستقلًّا لما كانَ كلُّ هذا النقاش حول إصلاح أعطاب العدالة، يقول بوعشرين. ناشر "أخبار اليوم المغربية" استدلَّ بقضيَّة كانَ توبعتْ فيها جريدتهُ على خلفيَّة نشرٍ كاريكاتور، فما كانَ للقاضي الممسك بالقضيَّة سوى أنْ تساءل عن الباعث وراء جلب المتاعب بالكاريكاتور ولم لا الاكتفاء بصورة فوتوغرافيَّة، دون درايةٍ بالأجناس الصحافيَّة وتوظيفاتها". الكاتبُ الصحافي ذاته زادَ أنَّ على المهنيِّين أنْ يضيقُوا على القضاة قدر الإمكان، سواء من حيث حصر التعويضات أوْ توسيع الضمانات، مستدلًا بالتجربَة البريطانيَّة التِي كانَ فيها القضاةُ أطرافًا فاعلة في الإصلاح.