الأمن والأمان نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، وما تعيشه من خوف ورعب واضطراب نفسي هذه الأيام السيدة " ميلودة " الناشطة الجمعوية في مجال التوعية بمخاطر الأمراض المتنقلة جنسيا التي ظهرت في وضع مخل بالحياء في ذلك الشريط المخزي الذي انتشر على الشبكة العنكبوتية كالنار في الهشيم ، هو عقاب تستحقه لأنها بالغت كثيرا في التعبير عن انفتاحها وتحررها وجرأتها ، وتجاوزت كل الخطوط الحمراء وتعدت حدودها كامرأة مسلمة تعيش في بلد مسلم وفي بيئة مسلمة ، وما كان عليها أن تقبل بتصويرها وهي تشرح للعاهرات في مركز للتحسيس بأخطار السيدا " تطبيقيا " ما كانت تشرحه لهن ، وما كان عليها أن تسمح للفريق الصحفي الذي أعد الربورتاج وهو من وكالة الأنباء الفرنسية فرانس بريس ببث الجزء الحساس من المشهد الذي ظهرت فيه في الشريط ، لأن ذلك لا يليق بامرأة مسلمة محجبة ( بين قوسين ) وكانت تعرف وتعي جيدا أن الربورتاج واللقطة الساخنة بالذات سيشاهدها كل الناس وسيتداولها العالم ، وستصل إلى أبعد نقطة في هذا العالم الذي أصبح قرية صغيرة كما يقال . ميلودة تعيش اليوم في جحيم حقيقي بسبب ما تلقته وما تتلقاه من تهديدات تشكل خطرا على حياتها وحياة أسرتها الصغيرة وعائلتها ، وقد اضطرت إلى ترك بيتها في الدارالبيضاء رفقة ابنتيها الصغيرتين وغادرته إلى مكان لا يعرفها فيه أحد ، ولم تعد قادرة على التجول في الشارع العام . وقد عبرت عن استغرابها لما تعرضت له من سب وشتم ومحاولة اعتداء جسدي عليها ، كما عبر عن نفس الاستغراب والامتعاض المقربون منها والعاملون معها في المجال الذي تشتغل فيه والمسؤولون عنها الذين وضعوا حياتها ومستقبلها ببرامجهم التحسيسية السخيفة على فوهة بركان من الغضب ، وشجعوها على فعل ما قامت به أمام فريق تصوير أوربي فرنسي أعد تقريرا مصورا لكي يشاهده الأوروبيون والعالم أجمع حول داء السيدا بالمغرب والطرق العلمية العملية للوقاية منه ، من قبيل توزيع المنشورات والعوازل الطبية بالمجان على الشباب في شوارع المملكة وفي أسواقها وأمام أبواب مدارسها ومعاهدها وثانوياتها وجميع فضاءاتها التربوية والثقافية والرياضية وحيثما وجد تجمع للشباب من كلا الجنسين بكل اختصار . فماذا كانت تنتظر هذه السيدة المتحررة كرد فعل على فعلها الفاضح ؟ هل كانت تنتظر أن يصفق لها الجميع ويبارك ما قامت به . هل كانت تنتظر أن تتلقى سيلا من رسائل الإعجاب وعبارات التهاني على هاتفها وبريدها الالكتروني، أم كانت تنتظر منا أن نفتخر بها وندعو لها بالجنة وبرحمة الوالدين ؟ ! هل كانت تنتظر أن يتم توجيه الدعوات لها من طرف مكونات المجتمع المدني لتنشيط حلقات أخرى أكثر جرأة وإباحية من تلك الحلقة التي نشطتها بحضور عدد من المومسات المتسخات في مركز للتحسيس والتوعية بمخاطر السيدا ، مع ما في ذلك من تشجيع لهن على الاستمرار في ممارسة نشاطهن المدمر للمجتمع ولحياة الأفراد والأسر بكل اطمئنان على صحتهن وحياتهن بشرط التقيد التام بالتوجيهات العملية والقواعد الأساسية للوقاية والحماية من الأمراض المتنقلة جنسيا ؟ هل كانت تنتظر هي ومن شجعها على ذلك أن يترك أبناء الشعب المغربي المسلم بعربه وأمازيغييه الشرفاء الفرصة تمر من دون التعبير عن سخطهم وغضبهم واستنكارهم لهذا الفعل ، ولما يتم التخطيط له في الخفاء من أجل التطبيع مع الرذيلة ومع العلاقات الجنسية خارج إطار مؤسسة الزواج الشرعي بتعاون مع منظمات دولية تستمد برامجها ومشاريعها من الدساتير العلمانية للدول الأوروبية التي لا تعير أي اهتمام للقيم والأخلاق . إن ما قامت به ميلودة من شرح تطبيقي لعمل جنسي ظهر في مقطع فيديو صغير لم تتجاوز مدته عشر ثواني وما خفي عن أعين المشاهدين ربما يكون أعظم ، لأمر غير مقبول بتاتا أن تقوم به امرأة مسلمة أمام عدسات كاميرات أوروبية . وما تعرضت له هذه السيدة الفاقدة لخلق الحياء من تهديد لحياتها وحياة بنتيها الصغيرتين وعائلتها هو رد فعل طبيعي متوقع من مجتمع مسلم محافظ يغار على نسائه ولا يقبل الجهر بالمعصية والفواحش ، وعليها أن تتحمل مسؤوليتها كاملة وعواقب ما ترتب عن جرأتها الزائدة عن اللزوم واستهتارها بمشاعر ملايين المسلمين في المغرب وفي سائر البلدان الإسلامية التي وصلها صدى الشريط الفضيحة وتداعياته . ولكن مع ذلك كله ورغم كل الألم والعار الذي ألحقته بنا كمغاربة مسلمين ، فإننا لا نريد أن يمسها أحد بسوء هي أو أي كان من أفراد أسرتها ، ولا نريد أن يتعرض لها أحد بأي شكل من أشكال الاعتداء عليها ، يكفيها ما هي فيه من عذاب واهتزاز نفسي وما تعيشه من رعب وقلق بعد ظهورها بذلك الشكل غير المقبول على اليوتيوب وعلى مواقع ومنتديات أخرى على شبكة الأنترنت وعلى صفحات جرائد وطنية ودولية . لا نريد من أحد إيذاءها وندعو للصفح عنها واعتبارها امرأة ضعيفة أخطأت الحساب والتقدير وأخلفت موعدها مع الزمان والمكان ، وامرأة متهورة لم تزن خطوتها كما ينبغي ولم تدرس عواقب تصرفها كما يجب . ندعو لتركها لحالها لأنها في نهاية المطاف نتاج طبيعي فاسد لمجتمع الحداثة والانفتاح والتحرر من قيود الدين والحياء الذي ينادي به العلمانيون الحداثيون ببلادنا صباح مساء ، وضحية من ضحايا أولئك الذين يريدون منا أن نخلع عنا ثوب الحشمة والوقار ونكسر الطابوهات ، والذين يريدون منا أن نتقرب إلى الغرب المتحضر زلفى ونسير على هديه وخطاه ونمضي قدما كما يفعل هو في تهيئ المناخ والأجواء المناسبة للإباحية ، وفي التصدي بعد ذلك للأمراض والأوبئة والمشاكل الاجتماعية الناتجة عن هذا التسيب الأخلاقي وهذه الإباحية بالطرق الإباحية كما فعلت بكل جرأة وتجرد من خلق الحياء السيدة ميلودة الحزينة الخائفة التي جنت على نفسها كما جنت الكلبة براقش على قومها. [email protected]