حقق حزب الحرية المتطرف والمعادي للمسلمين في هولندا فوزًا رمزيًا في انتخابات بلدية نظمت أول أمس الأربعاء، لكن ينظر إليه مع ذلك على أنه مؤشر على ما ستؤول إليه انتخابات تشريعية تجرى بعد ثلاثة أشهر، خاصة أن الحزب اليميني المتطرف قرر ألا يترشح إلا في مدينتين من أصل 394. وفاز الحزب، الذي يقوده المتطرف جيرت فيلدرز، بمقعد آلمير، وهي مدينة قريبة من أمستردام وتضم 190 ألف نسمة، لتكون أول بلدية يسيطر عليها على الإطلاق، وحل ثانيًا في لاهاي وهي مدينة يوجد فيها مقر الحكومة وتعد 442 ألف نسمة. وقرر حزب فيلدرز ألا يترشح إلا في المدن حيث يملك فرص فوز حقيقية. وقال فيلدرز بعد النتائج: "ما حصل في لاهاي وآلمير ممكن في كل البلاد"، وتوقع أن يصبح حزبه الأقوى في التاسع من يونيو القادم تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية، كما قال: "سنسترجع هولندا من النخبة اليسارية التي تدلل المجرمين وتدعم الأسلمة". ويركز حزب الحرية حملاته على "وقف أسلمة هولندا" التي ستفقد -حسب قوله- أسلوب حياتها بسبب المسلمين. ومُنع فيلدرز العام الماضي من دخول بريطانيا بتهمة "إثارة الكراهية"، وهو ملاحق في هولندا بالتهمة نفسها بعد إنجازه فيلمًا اسمه "فتنة" يربط مباشرة بين العنف والقرآن الذي وصفه بالفاشي وشبهه ب"كفاحي" لهتلر ودعا إلى منعه في هولندا. لكن فيلدرز حاول طمأنة المسلمين بعد فوز حزبه ببلدية آلمير ونقلت عنه وكالة الأنباء الهولندية قوله: "ما داموا يحترمون القانون فهم متساوون مع البقية وليس هناك سبب واحد يجعلهم يخافون". وتراجع أداء الحزب المسيحي الديمقراطي وحزب العمل اللذين انفرط عقد تحالفهما الشهر الماضي بعدما رفض الثاني تمديد مهمة القوة الهولندية في أفغانستان، مما يعني أن 1600 جندي هولندي منتشرون في هذا البلد المحتل سيعودون في أغسطس القادم. وعلى الرغم من أن البلديات، التي تعين رؤساءها الملكة بياتريكس، معنية بالتسيير اليومي لشؤون المدينة، فإن الإعلام الهولندي اهتم كثيرًا بالاقتراع لأنه قد يكون مرآة للمشهد السياسي في الانتخابات التشريعية. ويقول مراقبون: إن من الصعب جدًا على أي طرف في الانتخابات القادمة تحقيق الأغلبية في ظل مشهد يميزه خلاف الحزب المسيحي الديمقراطي وحزب العمل وانقسام بقية الأحزاب يمينًا ويسارًا. وقالت أغلب الأحزاب المحسوبة على اليسار صراحة: إنها لن تعمل مع حزب الحرية الذي فاز بتسعة مقاعد برلمانية من أصل 150 في انتخابات 2006، وبأربعة من 25 مقعدًا مخصصًا لهولندا في البرلمان الأوروبي في يونيو الماضي، وتظهر استطلاعات حديثة أنه بات الحزب الأكثر شعبية في بلد يعد 16.5 مليون نسمة وظل لوقت طويل ينظر إليه على أنه رمز للتسامح والقيم الليبرالية في أوروبا.